يشكل التضخم العالمي المستمر تحديًا كبيرًا لسوق التأمين المحلي، حيث تضطر الشركات إلى إعادة تقييم استراتيجياتها للتكيف مع الوضع الاقتصادي الراهن. في هذا التقرير، سنسلط الضوء على تأثير التضخم على فروع التأمين المختلفة، ودور إعادة التأمين كآلية لتوزيع المخاطر، إلى جانب بعض الاستراتيجيات المستقبلية التي قد تساهم في تحقيق استدامة السوق المحلي.

أولاً: تأثيرات التضخم العالمي على سوق التأمين المحلي

1. ضغوط متزايدة على تسعير الأقساط
أدت زيادة تكاليف التعويضات بسبب التضخم إلى دفع شركات التأمين إلى إعادة النظر في تسعير الأقساط، حيث تسعى إلى تحقيق توازن بين تكلفة المطالبات وجذب العملاء.

2. تحديات استثمارية
مع ارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ النمو الاقتصادي، يواجه قطاع التأمين صعوبة في تحقيق عوائد استثمارية كافية. هذا الانخفاض في العوائد قد يؤثر على احتياطيات الشركات وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها.

3. تقليص القدرة الاكتتابية
تؤدي زيادة المخاطر المالية الناتجة عن التضخم إلى دفع الشركات إلى تقليل حجم الاكتتاب، تجنبًا للتعرض لمطالبات مرتفعة قد تؤثر على سيولتها المالية.

ثانيًا: تأثير التضخم على فروع التأمين المختلفة

التأمينات العامة: الممتلكات والمسؤوليات

زيادة تكاليف المطالبات
يشهد قطاع التأمين على الممتلكات ارتفاعًا في تكاليف المطالبات نتيجة التضخم، مما ينعكس في زيادة تكلفة إعادة بناء الأصول المتضررة.
ارتفعت تكاليف مواد البناء بنسبة تصل إلى 18%، ما دفع بعض شركات التأمين المحلية إلى زيادة أقساط التأمين على الممتلكات لتغطية هذه الزيادات.

ضغوط تسعيرية
تفرض الحاجة لإعادة تسعير التغطيات التأمينية على الشركات، وذلك لضمان استدامة التغطيات المقدمة والحفاظ على هوامش الأرباح.

التأمين الصحي

زيادة تكاليف الرعاية
أدت الزيادة العالمية في تكاليف الخدمات الصحية إلى ارتفاع أسعار الأدوية والرعاية الطبية، ما يجعل تقديم تغطية تأمينية شاملة أصعب وأعلى تكلفة.
ارتفعت تكاليف الرعاية الصحية محليا بنسبة 12% خلال العام الماضي، مما دفع بعض الشركات إلى تعديل بنود التغطية أو رفع الأقساط.

ضرورة تحسين إدارة المخاطر الصحية
مع تقدم التكنولوجيا، يمكن لشركات التأمين استخدام أدوات رقمية لتحسين الكفاءة وتقليل التكاليف التشغيلية، مما يساهم في خفض تكلفة التغطية الصحية.

ثالثًا: إعادة التأمين ودوره في مواجهة التضخم

في ظل التضخم، يعد إعادة التأمين أداة هامة لتوزيع المخاطر وتخفيف الأثر المالي على السوق المحلي.

1. ارتفاع تكاليف إعادة التأمين
زادت شركات إعادة التأمين العالمية من أقساطها بما يصل إلى 10% لمواجهة ارتفاع المخاطر الناتجة عن التضخم.
واجهت بعض شركات التأمين المحلية زيادات تصل إلى 7% في تجديدات عقود إعادة التأمين لعام 2024.

2. تشديد شروط التغطية
قد تقلل شركات إعادة التأمين من نطاق التغطيات أو تشدد شروطها كآلية للحد من المطالبات.
مثال: فرضت شركات إعادة التأمين شروطًا إضافية في قطاع البناء والمقاولات للحد من المطالبات المتزايدة.

3. تعزيز الشراكات المحلية والإقليمية
يمكن للشركات المحلية الاستفادة من تطوير شراكات مع شركات إعادة التأمين الإقليمية، مما يتيح لها الحصول على تغطيات مرنة وبأسعار أكثر تنافسية.

رابعًا: استراتيجيات مقترحة للتكيف مع التضخم في السوق المحلي

تنويع الاستثمارات

تنويع المحفظة الاستثمارية في أدوات أقل تأثرًا بالتضخم، كالعقارات، يمكن أن يساهم في تحقيق عوائد مستقرة وثابتة للشركات التأمينية.
مثال: قامت بعض شركات التأمين المحلية بتوجيه استثماراتها نحو الأصول العقارية، باعتبارها أقل تأثرًا بتقلبات التضخم وأسعار الفائدة.

الاستفادة من التكنولوجيا

يسهم تطبيق التكنولوجيا في تقليل التكاليف التشغيلية، مما يساعد الشركات على تحسين خدماتها وتقديم منتجات تأمينية بأسعار معقولة.
استخدمت بعض الشركات الذكاء الاصطناعي في إدارة المطالبات، مما أدى إلى تقليل تكاليف المعالجة بنسبة تصل إلى 20%.

تقديم منتجات تأمينية مرنة

تعد المنتجات ذات الأقساط المتغيرة حلًا فعالًا لمساعدة العملاء على تكييف تغطياتهم مع المتغيرات الاقتصادية، وذلك لتحقيق توازن بين احتياجات العميل وقدرة الشركة على تحمل التكاليف.

رفع مستوى الوعي بالتأمين

زيادة الوعي بفوائد التأمين يساعد في تعزيز ثقة العملاء بالسوق، مما يعزز من استدامة القطاع التأميني.

آفاق مستقبلية لسوق التأمين المحلي

مع استمرار تأثيرات التضخم العالمي، يحتاج السوق المحلي إلى سياسات مرنة واستراتيجيات استباقية. وتطوير شراكات إقليمية، سيبقى عاملًا حاسمًا لتحقيق استدامة القطاع التأميني وتقليل الأثر السلبي للتضخم عليه.

تأثير التضخم” بالأرقام” على سوق التأمين المحلي

زيادة تكاليف المطالبات
ارتفاع تكاليف البناء عالميًا بنسبة تتراوح بين 15% و20% يؤثر مباشرةً على تكاليف المطالبات لشركات التأمين. محليا، شهدت شركات التأمين زيادات تصل إلى 18% في تكاليف التعويضات، خاصةً في قطاع التأمين على الممتلكات.

التأمين الصحي: ارتفاع تكاليف الرعاية الطبية
ارتفعت تكاليف الخدمات الصحية عالميًا بما يقارب 15%، مما جعل بعض الشركات المحلية تلجأ إلى تعديل حدود التغطية أو رفع الأقساط.

زيادة تكلفة إعادة التأمين
شهدت شركات التأمين المحلية زيادات بنسبة تصل إلى 7% في تجديدات عقود إعادة التأمين، نتيجة لتحديات التضخم والخسائر الطبيعية المتزايدة.

اقرأ أيضًا.. أماني الماحي تكتب: التوجه نحو الاستدامة في قطاع التأمين