مع تسارع الأحداث اقليميا ودوليا، وتغيير موازين القوى العالمية وتوقع انتقال العالم من نظام أحادى القطبية الى ثنائى القطبية وجهود الصين وروسيا معا لحصار نفوذ الدولار عالميا وتململ الدول النامية من الهيمنة الغربية، فقد انطلقت في مقر الأمم المتحدة اجتماعات قمة المستقبل يومي 22 و23 سبتمبر الجارى واعتمدت ثلاث اتفاقات رئيسية على رأسها ميثاق المستقبل، وذلك في مستهل الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة 2024 خلال الفترة من 23 الى 27 سبتمبر .
ويشارك فى اجتماعات قمة المستقبل قادة الدول والحكومات والوزراء وممثلوا المجتمع المدني والقطاع الخاص والشباب. وقد حث رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فيليمون يانج رئيس ناميبيا الدول الأعضاء بالأمم المتحدة على اعتماد ميثاق المستقبل بالإجماع بينما شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في الاجتماعات التحضيرية يومى 20و21 سبتمبر قبل انعقاد قمة المستقبل على ضرورة أن يضع ميثاق قمة المستقبل أساس لاصلاح مجلس الأمن الذي عفا عليه الزمن ليكون أكثر فعالية وتمثيلا لعالم اليوم، وإصلاح المؤسسات المالية الدولية لتعزز استخدام الموارد من أجل التنمية المستدامة والعمل المناخي، وإصلاح القواعد التي تحكم الفضاء الخارجي الذي تعمه الفوضى في الوقت الراهن، والعمل معا من أجل السلام والأمن.
وقد تبنّت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، يوم الأحد 22 سبتمبر 2024 ، «ميثاقاً من أجل المستقبل» يهدف إلى رسم «مستقبل أفضل» للبشرية، رغم معارضة بعض الدول بينها روسيا.
وأوضح أمين عام الأمم المتحدة بعد إقرار النص: «لقد فتحنا الباب، وعلينا الآن جميعاً عبوره، لأن الأمر لا يتعلق بسماع بعضنا الآخر فحسب بل أيضاً بالتحرك .
ونود الايضاح أن “الميثاق” وملاحقه (الميثاق الرقمي العالمي وإعلان الأجيال المقبلة) غير ملزمة،
ويتكون الميثاق من أكثر من 20 صفحة ويحتوى على 56 «إجراء» في مجالات تتراوح بين أهمية التعددية واحترام ميثاق الأمم المتحدة والحفاظ على السلام، وإصلاح المؤسسات المالية الدولية ومجلس الأمن الدولي، حتى مكافحة تغير المناخ ونزح السلاح وتطوير الذكاء الاصطناعي.
وعقب رئيس المنظمة البيئية العالمية غير الحكومية على الميثاق إنها إشارة إيجابية لكن «على القادة السياسيين تحويل هذه الوعود إلى أفعال ، وعبر عدد من الدبلوماسيين الغربيين عن عدم رضاهم على الميثاق بينما رأى آخرون أنّه رغم الانتقادات وضرورة عدم توقّع أن يؤدي هذا الميثاق إلى تحقيق السلام بين عشية وضحاها فإنّه يشكّل فرصة لتأكيد التزامنا الجماعي بالتعددية،رغم الإطار الجيوسياسي الصعب والأمل فى تعزيز الثقة بين الشمال والجنوب.
وتصر الدول النامية على ضمان التزامات ملموسة من قبل المؤسسات المالية الدولية لتسهيل حصول بعضها على تمويل للتعامل مع آثار التغيّر المناخي ، على الرغم أن الميثاق غير ملزم .
وقال رئيس سيراليون أن التحديات ليست نظرية ولا بعيدة ولكنها الحقيقة القاسية التي نواجهها كل يوم» وقد يمنحنا الميثاق أملاً جديدا .
مشاركة مصر فى قمة المستقبل
وقد القى الرئيس السيسي يوم 12 سبتمبر الجارى كلمة افتراضية لقمة المستقبل والذى يمثل حركة تصحيحية للنظام العالمي ومؤسساته بما يتماشى مع المتغيرات الدولية الراهنة وشملت الكلمة عددا من النقاط أهمها إرساء مبادئ القانون الدولي، وإصلاح هيكل النظام المالي العالمي، وتعزيز جهود القضاء على الفقر والجوع، وحماية الأمن المائي لجميع الدول.
كما شارك منتدى شباب العالم فى اجتماعات قمة المستقبل بمقر الأمم المتحدة فى نيويورك وهو تأكيد على دور مصر ورؤيتها السباقة لمنتدى شباب العالم الذى هو فكرة مصرية خالصة اجتمع حولها شباب العالم من 150 دولة ، وتواجد الشباب فى قمة المستقبل مع ملوك ورؤساء الدول والحكومات والوزراء ومؤسسات المجتمع المدنى وكبار مسئولى المؤسسات الاقتصادية الدولية يبرهن على نجاعة الرؤية المصرية لأهمية دور الشباب ويعكس رؤية الأمم المتحدة والعالم لمنتدى الشباب كمنصة للتعبير عن أفكار وآمال وآلام الشباب.
وعلى المستوى الوزارى يلقى وزير الخارجية كلمة مصر فى قمة المستقبل اليوم 23 الجارى كما يشارك وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى الجلسة الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعى ، وأيضا تشارك وزيرة التخطيط والتعاون الدولى فى جلسة التنمية والتمويل ، كما ينشط ممثلوا مصر بالقمة بعقد لقاءات مع العديد من نظرائهم من الدول المشاركة بالقمة وأيضا الشركات وكبار المسئولين الأمريكيين فضلا عن كبار المسئولين بالمنظمات الاقتصادية الدولية والاقليمية بهدف تحقيق المصالح المصرية.
وستظل مصر مع آخرين الركن الهام والأصيل فى محاولات تحقيق الأمن والسلم الدوليين وتحقيق أهداف التنمية المستدامة دون الميل شرقا أو غربا .
الوزير المفوض الدكتور / منجى على بــــــــدر
المفكر الاقتصادى وعضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة