فى الذكرى التاسعة لتدشين قناة السويس الجديدة التى تعد أحد أكبر المشروعات التنموية في الجمهورية الجديدة حيث بدأ الحفر عام 2014 وتم إنجازه خلال عام ميلادي واحد، ويوافق يوم السادس من شهر أغسطس من كل عام ذكرى افتتاح قناة السويس الجديدة.
وبلغت تكلفة القناة الجديدة 8.2 مليار دولار بما يعادل 60 مليار جنيه، وافتتحت للإبحار في حفل كبير حرص ملوك ورؤساء العالم والشخصيات العامة على حضوره ، ومن دواعي الفخر أن هذا المشروع القومي مصري خالص ، قام بوضع تصميماته رجال قناة السويس، ونفذته سواعد أبناء مصر بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التي قامت بدور رائع لتحقيق هذا الإنجاز الكبير.
ويبلغ طول القناة الجديدة 35 كيلومترًا يمر بمحاذاة قناة السويس الأصلية التي يبلغ طولها 190 كيلومترًا، والتى يعود تاريخ بنائها إلى 145 عامًا، وتهدف القناة الجديدة إلى مرور السفن في الاتجاهين دون توقف في مناطق انتظار داخل القناة وكذلك تقليل زمن العبور ، مما جعلها تستقبل 68 سفينة يوميا بدلاً من 47 سفينة قبل افتتاح القناة الجديدة، بزيادة 21 سفينة بما يُعادل 45% نموًا عن الفترات السابقة، لينخفض بذلك زمن عبور السفن لـ11 ساعة على الأكثر بعد أن كانت 22 ساعة فى المتوسط وتقليل ساعات انتظار السفن لـ3 ساعات، وهو ما يزيد فرص تنافسية القناة، ويرفع درجات تصنيفها عالميًا.
وكان الغرض من حفر القناة الجديدة زيادة القدرة الاستيعابية لعبور السفن ومواكبة التطورات العالمية وتعزيز مكانة مصر عالميا تجاريا ولوجستيا وهو ما يعنى زيادة فرص العمل وفتح أسواق جديدة من التبادل التجاري وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة، وقد وصلت القدرة الاستيعابية للعبور بواقع 97 سفينة وعبور مباشر لـ45 سفينة دون توقف حتى غاطس 66 قدما لجميع أجزاء القناة وزيادة عوائدها بمعدل 260% وتوفير وظائف جديدة لأبناء مدن القناة وسيناء، بالإضافة لتعظيم القدرات التنافسية للقناة وتميزها على القنوات المماثلة رفع درجة التصنيف العالمى للمجرى الملاحى نتيجة زيادة معدلات الأمان الملاحى أثناء مرور السفن.
إن قناة السويس الجديدة التى تعيش الذكرى التاسعة لافتتاحها، حققت عدة فوائد اقتصادية وسياسية واستراتيجية لمصر ولحركة التجارة العالمية والاقتصاد العالمى بشكل عام، أهمها زيادة الدخل القومي والاحتياطى النقدى الأجنبى لمصر، ومضاعفة حركة المرور اليومية للسفن، وإنعاش حركة التجارة الدولية، وتحول المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى مشهد اقتصادى متطور يدعم مختلف القطاعات، حيث يتيح حوالى مليون فرصة عمل إضافية لأبناء الشعب المصري،وقد أصبحت القناة أهم ممر مائى فى العالم يجذب السفن من كل بلاد العالم ويؤكد موقع مصر الجغرافى الحيوى والعبقرى بالنسبة للعالم، وأصبحت تتحكم فى حركة التجارة العالمية والاقتصاد الدولى ، إلى جانب خلق بيئة أعمال مناسبة وتشجع المستثمرين الأجانب والمحليين لإنشاء شركات فى المنطقة الاقتصادية للاستفادة من جميع المزايا والحوافز، ومن المؤكد أن مجرى قناة السويس ساهم فى زيادة الأهمية النسبية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وجعلها قبلة المستثمرين من جميع أنحاء العالم .
هذا، ولظروف اقليمية ودولية قررت هيئة قناة السويس تمديد العمل بعدد من قرارات تخفيض رسوم عبور السفن والناقلات والتي تتراوح ما بين 15 إلى 75% حتى نهاية 2024 بسبب الأزمات الدولية والاقليمية الطارئة نتيجة “التوترات الجيوسياسية التي تشهدها حركة الملاحة في البحر الأحمر مع استمرار الحرب على غزة منذ أكتوبر 2023 وحتى تاريخه، وما تبع ذلك من هجمات للحوثيين على سفن البحر الأحمر مما أدى الى انخفاض إيرادات هيئة قناة السويس بنحو 575.1 مليون دولار شهريا ، ومن المرجح أن يستمر حتى نهاية عام 2024.
ويشمل قرار الحكومة المصرية تنزيلات رسوم اليخوت الأقل من 300 طن، والسفن حاملات السيارات، والحاويات، وناقلات الكيماويات والسوائل الأخرى، وناقلات المشتقات البترولية، وناقلات البترول الخام، وناقلات الغاز البترولي المسال (LPG)، ناقلات الغاز الطبيعي المسال (LNG)، وسفن البضائع الصب الجاف.
إن قرار التخفيض في الواقع تحاول من خلاله الحكومة التعامل مع الموقف الراهن، حيث أن حجم التجارة المارة في قناة السويس انخفضت الى 50% في أول شهرين من عام 2024، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023 ، فيما قدرت الزيادة فى حجم التجارة الدولية عبر رأس الرجاء الصالح بمعدل 74% .
أن الحرب الإسرائيلية على غزة وقبلها الحرب الروسية الأوكرانية تسببتا في تراجع حركة التجارة العالمية، فضلا عن وصول مستويات التضخم لمعدلات قياسية في معظم دول العالم، مما ترتب عليه تراجع حجم الناتج العالمي، واحتمالات ركود فى بعض الدول الكبيرة وقناة السويس جزء من المنظومة العالمية ، وتتأثر بها سلبا وايجابا.
ونرى أن قناة السويس والمنطقة الاقتصادية الخاصة لقناة السويس أحد الأذرع الهامة فى جذب الاستثمارات الأجنبية خاصة فى مجالات الاقتصاد الأخضر والهيدروجين الأخضر والصناعات التكنولوجية والهندسية.
الوزير المفوض الدكتور/ منجي على بدر
المفكر الاقتصادى وعضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة