السبت, 26 أبريل, 2025
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن

لماذا تتفوق الفضة على الذهب في الاستثمار ؟

عندما نتحدث عن الاستثمار في المعادن النفيسة فإنه بالتأكيد أول ما سيتبادر للذهن هو “الذهب”، ولكن هناك معدن آخر قد يكون أكثر جدوى منه في الأجل الطويل ألا وهو “الفضة”، وذلك لأن الاستثمار في الفضة يُعتبر أحد أقوى الاستثمارات طويلة الأجل، حيث يتفوق في بعض الجوانب على الذهب من حيث القيمة المستقبلية والعائد المتوقع، ويرجع ذلك إلى عدد من العوامل التي تجعل من الفضة أكثر أهمية وجدوى في المستقبل نظرًا لأنها تمتلك خصائص فريدة تجعلها استثمارًا مضمونًا لمن يدرك أهميتها الحقيقية.

إن السبب الرئيسي الذي يجعل من الفضة ذات جاذبية أكثر من الذهب في الأجل الطويل حيث يتم استخدامها، وتدخل في العديد من الصناعات مثل صناعة الإلكترونيات، والألواح الشمسية، والتطبيقات الطبية، مما يؤدي إلى استهلاكها بشكل مستمر، ويؤدي هذا الاستخدام المتزايد للفضة في العديد من التطبيقات الصناعية لجعلها ليست مجرد معدن للتخزين وحفظ الثروة، بل هي مادة أساسية ضرورية في كثير من المجالات الحديثة، ومن الجدير بالذكر أنه على عكس الذهب، تُستهلك الفضة خلال العمليات المختلفة، ولا يمكن استرجاعها بنفس السهولة، مما يؤدي إلى تناقص كمياتها المتاحة مع مرور الوقت.

وتُشير التوقعات إلى أن الطلب على الفضة سيرتفع مع استمرار التطور التكنولوجي والابتكارات الجديدة التي تعتمد عليها، خصوصًا في الصناعات المتقدمة مثل الطاقة المتجددة، وتكنولوجيا النانو والإلكترونيات المتطورة، ومع تزايد استخدام الفضة في التكنولوجيا الحديثة، وعدم إمكانية استرجاعها بنفس معدل الاستهلاك فإن المعروض منها يتقلص تدريجيًا مع مرور الوقت، وسيدفع هذا النقص في الإمدادات أسعار الفضة إلى الارتفاع في المستقبل، مما يجعلها خيارًا استثماريًا واعدًا للمستثمرين الذين يسعون إلى تحقيق أرباح على الأجل الطويل.

ولقد كانت تُستخدم الفضة كعملة حقيقية عبر التاريخ حيث كانت تُعتبر وسيلة مضمونة للحفاظ على الثروة والقوة الشرائية، وكانت الفضة في الحضارات القديمة من أكثر المعادن تداولًا واستخدامًا كوسيلة للتبادل التجاري، مما يعكس قيمتها الحقيقية كأداة مالية موثوقة، ومع تغير النظم النقدية العالمية واعتماد العملات الورقية ظلت الفضة تحتفظ بمكانتها كملاذ آمن في أوقات الأزمات الاقتصادية والتضخم المالي، وبالنظر إلى الوضع الاقتصادي العالمي الآن فإن الفضة قد تكون الملاذ الآمن الذي يلجأ إليه المستثمرون عند تراجع قيمة العملات الورقية أو عند حدوث أزمات مالية جديدة وهي ليست ببعيد.

بالإضافة إلى ذلك تتميز الفضة بأنها أكثر مرونة من الذهب من حيث إمكانية الاستثمار بها، وأيضًا يمكن للأفراد شراء كميات صغيرة منها بسهولة مقارنةً بالذهب، مما يجعلها مناسبة لشريحة أكبر من المستثمرين سواءً كانوا من صغار أو كبار المستثمرين الذين يسعون إلى تنويع محافظهم الاستثمارية، وعلى الرغم من أن سعر الفضة أقل بكثير من سعر الذهب، إلا أن هذه الميزة تجعلها أكثر جاذبية من حيث القدرة على تحقيق أرباح مضاعفة مع ارتفاع الأسعار مستقبلًا.

ويُعدُ من أحد العوامل الهامة التي تجعل من الاستثمار في الفضة خيارًا ذكيًا هو دورها في الأسواق العالمية، وتأثيرها على الاقتصادات المختلفة، ومع تزايد الطلب الصناعي على الفضة فإنه من المتوقع أن يؤثر ذلك على توازن العرض والطلب، مما يؤدي إلى ارتفاع مستمر في أسعارها، وتلعب الفضة في بعض الدول دورًا رئيسيًا في القطاع الاقتصادي حيث يتم استخراجها بكميات كبيرة، ويتم تصديرها لاستخدامها في الصناعات المتطورة، ويعني هذا أن تقلبات أسعار الفضة قد تكون مرتبطة أيضًا بالتطورات السياسية والاقتصادية العالمية، مما يجعلها أداة استثمارية ديناميكية تتأثر بعدد من العوامل الخارجية.

وإذا تم عقد مقارنة بين العائد المتوقع على الاستثمار في الفضة مع الذهب، فإننا نجد أن هناك فرصة كبيرة لتحقيق مكاسب أعلى من خلال الاستثمار في الفضة مقارنةً بالذهب، فمثلًا لو افترضنا أن فردًا يمتلك اليوم ذهبًا بقيمة 100 دولار فإن قيمته قد تبقى مستقرة أو ترتفع بشكل طفيف خلال السنوات القادمة، لكن في المقابل إذا استثمر نفس المبلغ في الفضة، فمن المحتمل أن تتضاعف قيمته مع مرور الوقت، وذلك نظرًا لزيادة الطلب عليها وتناقص العرض، وتجعل هذه الخاصية من الفضة خيارًا ذكيًا لأولئك الذين يبحثون عن فرص استثمارية طويلة الأجل ذات معدل نمو مرتفع.

وهناك طرق عديدة للاستثمار في الفضة منها شراء السبائك والعملات الفضية والاحتفاظ بها كأصل ملموس يمكن بيعه مستقبلاً عند ارتفاع الأسعار، كما يمكن الاستثمار بها أيضًا من خلال العقود الآجلة وصناديق الاستثمار المتداولة التي توفر فرصًا للمستثمرين لتحقيق أرباح دون الحاجة للاحتفاظ بالفضة بشكل مادي، وتجعل هذه الطرق من الاستثمار في الفضة أكثر سهولة ومرونة، وتسمح للمستثمرين بالاستفادة من تقلبات الأسواق بطريقة أكثر فاعلية.

ويمكن القول إن الفضة ليست مجرد معدن ثمين يُستخدم في المجوهرات أو كوسيلة لحفظ القيمة، بل هي استثمار استراتيجي لمن يدرك أهميتها المستقبلية، وذلك نظرًا لندرتها المتزايدة واستخدامها الصناعي المتنامي لذلك فإن قيمتها مرشحة للارتفاع أكثر من الذهب على المدى البعيد، ولهذا السبب إذا كنت تبحث عن استثمار مستدام ومرتفع العائد، فقد تكون الفضة هي الخيار الأفضل لك، ليس فقط لأنها تمثل معدنًا نفيسًا فحسب، بل لأنها تملك مستقبلاً مشرقًا يجعل منها استثمارًا مثاليًا لمختلف فئات المستثمرين.

ومن هذا المنطلق فإن شراء الفضة في الوقت الحالي قد يكون قرارًا حكيمًا يمكن أن يحقق مكاسب كبيرة في المستقبل، خاصةً مع تنامي الحاجة إليها في مجالات متعددة لا يمكن الاستغناء عنها، ومن خلال الفهم العميق لكيفية الاستثمار في الفضة والطرق المتاحة لذلك، يمكن للمستثمرين اتخاذ قرارات مدروسة تعود عليهم بالنفع الكبير في المستقبل.

 

د / إســــــــلام جــمــــال الـــديـــن شـــــــوقـــي
خـــــبـيـر اقــتصـــــــــــــــادي
عــضـو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي

مقالات ذات صلة

الاكثر قراءة