الثلاثاء, 18 نوفمبر, 2025
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن

المتحف المصري الكبير: عندما تصبح العمارة المستدامة حارسة للتاريخ

يقف صرح معماري على بعد كيلومترين من أهرامات الجيزة، يروي قصة مختلفة عن علاقة الإنسان بتراثه وبيئته. ليست هذه مجرد قصة متحف جديد، بل حكاية تحدٍ هندسي استمر عقدين من الزمن، تحدٍ يطرح سؤالاً جوهريًا: كيف نحافظ على آثار عمرها آلاف السنين داخل مبنى يحترم البيئة ويوفر الطاقة؟

يفتتح المتحف المصري الكبير أبوابه يوم السبت 1 نوفمبر 2025، حاملاً معه شهادة EDGE Advanced للمباني الخضراء من مؤسسة التمويل الدولية، ليصبح أول متحف أخضر في إفريقيا والشرق الأوسط. إنجاز معماري بمساحة 81,000 متر مربع، يضم 100,000 قطعة أثرية، ويوفر 60% من الطاقة و34% من المياه مقارنة بالمباني التقليدية.

كيف نجح المهندسون في تحقيق هذا التوازن المعقد بين الحفاظ على التراث والاستدامة البيئية؟ وما الحلول الهندسية التي جعلت من هذا المشروع نموذجًا عالميًا للعمارة الخضراء؟

 

التصميم المعماري: حوار بصري مع الأهرامات

 

فاز مكتب Heneghan Peng Architects الأيرلندي بتصميم المتحف عام 2003 من بين 1,557 مشاركًا في مسابقة دولية، وعمل بالتعاون مع شركتي Arup وBuro Happold البريطانيتين للهندسة الإنشائية والأنظمة. كانت المهمة شديدة الصعوبة: تصميم أكبر متحف أثري في العالم على بعد خطوات من أهرامات الجيزة، دون أن يطغى المبنى الحديث على عظمة الأهرامات أو يتنافس معها.

لقد جاء الحل في شكل إسفين ضخم ينحدر من مستوى الهضبة الصحراوية نزولاً نحو وادي النيل، مستغلاً فرق المنسوب الطبيعي البالغ 50 مترًا بين المستويين. يخلق هذا التصميم المنحدر “حافة جديدة” للهضبة دون أن يرتفع المبنى فوق مستواها، مما يحافظ على المشهد العام للمنطقة التاريخية.

تتماشى المحاور البصرية الثلاثة للمبنى بدقة مع مواقع الأهرامات الثلاثة، وهذا التوجيه ليس مجرد قرار جمالي، بل جزء من فلسفة معمارية عميقة تربط المتحف بالسياق التاريخي المحيط. تظهر الأهرامات من داخل المتحف في لحظات محسوبة بدقة أثناء رحلة الزائر، خاصة عند الوصول إلى قاعات العرض في مستوى الهضبة، حيث تنكشف الأهرامات أمام الزائر في مشهد بانورامي يربط بين الماضي والحاضر.

تمتد الواجهة الحجرية الشفافة لمسافة 800 متر وترتفع إلى 40 مترًا في بعض المناطق، وصُنعت من ألواح الألباستر المصري المحلي، الحجر الجيري، والزجاج المُرتب في أنماط مثلثة تستلهم رمزية الأهرامات. يسمح الألباستر الشفاف بدخول الضوء الطبيعي نهارًا مع تقليل الحرارة، ويتحول مظهر الواجهة من النهار إلى الليل، تمامًا كما تتغير ألوان الرمال الصحراوية المحيطة. تقف هذه الواجهة على بعد 10 أمتار من المبنى الرئيسي، ومثبتة على الهيكل الإنشائي عند منتصف الارتفاع وعند مستوى السقف، مما يخلق فراغًا حراريًا يعمل كعازل طبيعي ضد حرارة الصحراء.

يستقبل البهو الرئيسي الزوار بمساحة 10,000 متر مربع وسقف زجاجي يسمح برؤية الأهرامات من الداخل. يقف هنا تمثال رمسيس الثاني الضخم بارتفاع 11 مترًا ووزن 83 طنًا، وقد تم نقله في عملية هندسية معقدة من موقعه الأصلي في ميدان رمسيس بالقاهرة عام 2018. صُمم البهو بسقف خرساني ضخم يحتوي على ألواح تشبه الخياشيم تمتد بعضها لمسافة 40 مترًا، صُنعت من 10 ملايين قدم مكعب من الخرسانة الخاصة. تساعد هذه التهوية الطبيعية في الحفاظ على درجة حرارة ثابتة حوالي 23 درجة مئوية داخل القاعات دون الاعتماد الكامل على أنظمة التكييف الصناعية.

يربط الدرج العظيم بين قاعات العرض الـ 12 الرئيسية، ويمتد على مساحة 6,000 متر مربع بارتفاع ستة طوابق (حوالي 50 مترًا). عُرضت أكثر من 60 قطعة أثرية على طول الدرج في مسار زمني تصاعدي، ينتهي بإطلالة بانورامية على الأهرامات عند الوصول إلى مستوى الهضبة. ليس هذا الدرج مجرد ممر، بل رحلة معمارية عبر الزمن تنقل الزائر من عصر الدولة القديمة إلى العصر الروماني، ومن مستوى وادي النيل إلى مستوى الهضبة الصحراوية، في تجربة مكانية فريدة تمزج بين التاريخ والجغرافيا والعمارة.

 

شهادة EDGE Advanced: توفير حقيقي وليس شعارات

 

لقد منحت مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي المتحف شهادة EDGE Advanced في 19 فبراير 2024، ليصبح أول متحف في إفريقيا والشرق الأوسط، وواحدًا من قلة عالميًا، يحصل على هذه الشهادة المرموقة. تؤكد الشهادة أن تصميم المتحف يوفر أكثر من 60% من استهلاك الطاقة ويقلل استخدام المياه بنسبة 34% مقارنة بمبنى تقليدي بنفس الحجم والنوع.

وليست هذه مجرد أرقام نظرية على الورق، بل تترجم إلى وفر حقيقي ملموس: يعادل توفير الطاقة إزالة أكثر من 400 سيارة تعمل بالبنزين من شوارع القاهرة لمدة عام كامل، ويعادل توفير المياه 63.4 مليون لتر من مياه النيل سنويًا، وهو رقم هائل في بلد يعاني من ندرة المياه.

يعتمد المتحف على مجموعة متكاملة من التقنيات الخضراء المُدمجة في التصميم منذ المراحل الأولى، وليست إضافات لاحقة أو تجميلية. يعكس السقف العاكس أشعة الشمس ويقلل امتصاص الحرارة، مما يخفض الحاجة للتبريد بشكل كبير خاصة في أشهر الصيف الحارقة. كما تم تصميم كاسرات شمسية خارجية بزوايا محسوبة بدقة توفر الراحة الحرارية للزوار في المناطق المفتوحة، وتمنع دخول أشعة الشمس المباشرة إلى المبنى دون حجب الضوء الطبيعي.

تستخدم الإضاءة في جميع أنحاء المبنى تقنيات LED عالية الكفاءة، وهي ليست فقط موفرة للطاقة، بل مصممة خصيصًا لحماية الآثار من الأشعة فوق البنفسجية التي قد تسبب تلفها. تم تجهيز جميع المرافق بتركيبات مياه فعّالة، من صنابير حساسة للحركة إلى مراحيض مزدوجة التدفق، وكل تفصيل صغير في المبنى يساهم في تقليل الهدر. تراقب عدّادات ذكية استهلاك الطاقة في الوقت الفعلي، مما يسمح بالتحكم الدقيق واكتشاف أي هدر فوري ومعالجته.

 

الحفاظ على الآثار: التحدي الهندسي الأكبر

 

إن بناء متحف يضم أكثر من 100,000 قطعة أثرية، بعضها عمره آلاف السنين، يطرح تحديًا هندسيًا معقدًا: كيف نخلق بيئة مثالية للحفاظ على الآثار دون استهلاك طاقة هائلة؟ تحتاج الآثار المصرية القديمة، خاصة تلك المصنوعة من الخشب والنسيج والجلود، إلى ظروف مناخية دقيقة للغاية: درجة حرارة ثابتة، رطوبة نسبية محددة، وحماية من الضوء المباشر والأشعة فوق البنفسجية.

ولقد جُهزت قاعات العرض بأنظمة تحكم بيئي متقدمة تحافظ على هذه الظروف بدقة عالية، تمتد قاعات توت عنخ آمون وحدها على مساحة 7,500 متر مربع، وتعرض 5,398 قطعة من كنوزه للمرة الأولى مجتمعة في مكان واحد منذ اكتشافها عام 1922. صُممت هذه القاعات لتحاكي المقبرة الأصلية في وادي الملوك، مع أنظمة تحكم بالحرارة والرطوبة تحمي القطع الحساسة المصنوعة من الذهب، الخشب، والأقمشة. تُعامل كل خزانة عرض كبيئة مستقلة، مع زجاج متعدد الطبقات يحجب 99% من الأشعة فوق البنفسجية دون التأثير على وضوح الرؤية.

ويضم المتحف أيضًا مركز ترميم وطاقة يُعد واحدًا من أكبر مراكز الترميم في العالم، يحتوي على 17 مختبرًا متخصصًا. يقع معظم المركز تحت الأرض لأسباب أمنية وللحفاظ على المشهد العام، ويرتبط بالمبنى الرئيسي عبر نفق بطول 220 مترًا. لا يُستخدم هذا النفق فقط لنقل الآثار بشكل آمن بعيدًا عن العوامل الجوية، بل يحتوي أيضًا على خطوط الخدمات ويوفر طريق هروب طوارئ، مما يعكس مستوى التخطيط الدقيق الذي تم وضعه في كل جانب من جوانب المشروع.

 

التحديات الهندسية: حلول مبتكرة لمشاكل معقدة

 

إن بناء متحف بهذا الحجم على بعد كيلومترين من أهرامات الجيزة لم يكن مهمة سهلة، وكان لا بد من تحقيق رؤية المعماريين التي تتطلب بناء جدران استنادية ضخمة لخلق المستويات المختلفة للمبنى. يُعد “جدار منجاوروس” أكبرها بطول 500 متر وارتفاع يصل إلى 35 مترًا في بعض المناطق، وهو جدار خرساني مسلح ضخم يحمل المبنى بأكمله ويمنع انهيار التربة الرملية.

ولقد شكّل نقل تمثال رمسيس الثاني بوزن 83 طنًا من ميدان رمسيس في وسط القاهرة إلى المتحف عملية هندسية استثنائية شاهدها آلاف المصريين والسياح في يناير 2018. تم تصميم عربة نقل خاصة بنظام تعليق هيدروليكي يمتص الاهتزازات، وأُغلقت الطرق ليلاً لإتمام العملية بأمان تام. لم يكن هذا مجرد نقل تمثال، بل عملية تتطلب دراسة دقيقة لكل متر من الطريق، حساب دقيق للأوزان والقوى، وتنسيق بين عشرات الجهات المختلفة.

واستخدم فريق البناء تقنيات نمذجة معلومات البناء وأنظمة المسح بالليزر ثلاثي الأبعاد لتوثيق الآثار وتنسيق عمل أكثر من 150 مقاولاً من الباطن و5,000 عامل في الموقع. سمحت هذه التقنيات بتجنب الأخطاء المكلفة، وضمنت أن كل قطعة أثرية لها مكانها المحدد بدقة ميليمترية في قاعات العرض.

 

أكثر من قاعات عرض: مدينة ثقافية متكاملة

 

تمتد قاعات العرض الـ 12 الرئيسية على مساحة 24,000 متر مربع (ما يعادل تقريبًا 4 ملاعب كرة قدم)، تعرض الآثار بترتيب زمني من حوالي 3100 قبل الميلاد إلى 400 ميلادية. لا يقتصر المتحف على قاعات العرض الدائمة، بل يضم مساحة 1,700 متر مربع مخصصة للمعارض المؤقتة، مما يجعله مركزًا حيًا للتبادل الثقافي مع متاحف العالم.

ولقد خُصصت مساحة 5,000 متر مربع لمتحف الأطفال، وهو مساحة مُصممة خصيصًا لتعليم الأطفال عن الحضارة المصرية بطرق تفاعلية تناسب أعمارهم. يعكس هذا الاهتمام بالجيل الجديد رؤية طويلة المدى تتجاوز مجرد عرض الآثار إلى خلق علاقة عميقة بين الأجيال الجديدة وتراثهم.

يضم المتحف أيضًا مركز مؤتمرات بقاعة رئيسية بسعة 1,000 مقعد، ثلاث قاعات ندوات بسعة 250 مقعدًا لكل منها، ومساحات للاجتماعات ومركز أعمال وقاعة صحفية، بالإضافة إلى مسرح ثلاثي الأبعاد بسعة 250 مقعدًا. تحول هذه المرافق المتحف من مجرد مكان لعرض الآثار إلى منصة للفعاليات الثقافية والعلمية على مستوى عالمي.

إن المخازن الأثرية التي يمكن للباحثين والمتخصصين الوصول إليها تجعل المتحف مركزًا بحثيًا حقيقيًا وليس مجرد مكان للعرض السياحي. يضع هذا الانفتاح على المجتمع الأكاديمي العالمي المتحف في مصاف المؤسسات العلمية الكبرى، ويفتح الباب أمام اكتشافات جديدة وأبحاث متقدمة حول الحضارة المصرية القديمة.

ويُعرض قارب خوفو الشمسي الخشبي البالغ عمره 4,600 عام في مبنى منفصل ملحق بالمتحف، وسيتمكن الزوار من المشي حول القارب الأول ورؤيته من جميع الزوايا، بينما سيُخصص قسم آخر للقارب الثاني حيث يمكن مشاهدة عملية الترميم والتجميع المستمرة التي من المتوقع أن تستغرق من 5 إلى 7 سنوات. يتيح هذا العرض الفريد للزوار رؤية عملية الترميم بشكل مباشر، مما يعزز الوعي بأهمية الحفاظ على التراث والجهود الهائلة المبذولة في هذا المجال.

 

الجوائز والاعتراف الدولي

 

بلغت تكلفة المشروع مليار دولار أمريكي، تم تمويله بالتعاون الدولي خاصة مع وكالة التعاون الدولي اليابانية. حصل المتحف بالإضافة إلى شهادة EDGE Advanced على 8 شهادات ISO في إدارة الطاقة، الصحة والسلامة المهنية، إدارة البيئة، والجودة. حاز أيضًا على جائزة Prix Versailles 2024 للتميز المعماري كواحد من أجمل المتاحف في العالم، وجائزة أفضل مشروع مبنى أخضر في منتدى البيئة والتنمية 2022، والشهادة الذهبية للمباني الخضراء والاستدامة من نظام التصنيف المصري “الهرم الأخضر”، بالإضافة إلى اعتماد رسمي لتقرير انبعاثات الغازات الدفيئة من الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات والمجلس المصري للاعتماد.

وليست هذه الجوائز والشهادات مجرد أوسمة شرفية، بل اعتراف دولي بأن المتحف نجح في تحقيق معادلة صعبة: بناء صرح ضخم يحافظ على آثار عمرها آلاف السنين، ويوفر الطاقة والمياه، ويخلق تجربة ثقافية استثنائية للزوار، كل ذلك دون المساومة على أي من هذه الأهداف.

 

الأثر على العمارة المصرية والإقليمية

 

لا يُعد المتحف فقط إنجازًا معماريًا بحد ذاته، بل نموذجًا يمكن أن يُلهم المشاريع المستقبلية في مصر والمنطقة. يثبت أن المباني الضخمة في المناخات الصحراوية الحارة يمكن أن تكون مستدامة وموفرة للطاقة دون التضحية بالجودة أو الوظيفة أو الجمال. خلق المشروع فرص تدريبية لآلاف المهندسين والفنيين المصريين، الذين اكتسبوا خبرات عملية في تقنيات البناء الأخضر، إدارة المشاريع الضخمة، والتعامل مع المعايير البيئية الدولية. ستنتقل هذه الخبرات حتمًا إلى مشاريع أخرى، مما يرفع مستوى الصناعة الإنشائية في مصر بشكل عام.

 

هندسة تليق بالحضارة

 

إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد وعاء لعرض الآثار، بل تحفة معمارية تحترم الماضي وتتبنى المستقبل. نجح المعماريون والمهندسون في خلق صرح يليق بعظمة الحضارة الفرعونية، ويرسي معايير جديدة للمتاحف في القرن الحادي والعشرين عبر التصميم الذكي، التقنيات الخضراء، والحلول الهندسية المبتكرة.

يُعد مثال حي على أن العمارة يمكن أن تكون جميلة، وظيفية، ومستدامة في آن واحد، وأن التراث والحداثة ليسا متناقضين، بل يمكن أن يلتقيا في انسجام تام لخلق تجربة إنسانية فريدة تتجاوز الزمان والمكان. يمثل افتتاح المتحف في نوفمبر 2025 بداية لفصل جديد في تاريخ العمارة المصرية والعالمية، فصل يثبت أن حماية التراث واحترام البيئة ليسا ترفًا، بل ضرورة يمكن تحقيقها بالإرادة والإبداع والعمل الجاد.

 

بقلم/ دكتور مهندس عـمــــــاد ذهـــنــــي
         خبير في التنمية العمرانية

 

إنفينيتي الاقتصادية

ويمكنك متابعة موقع “إنفينيتي الاقتصادية” عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أحدث التحديثات اليومية لأسعار العملات الأجنبية والعملات العربية مقابل الجنيه، بالإضافة إلى أسعار الذهب في مصر.

ويقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: “أخبار اقتصادية، أخبار محلية، أخبار الشركات المصرية، تحليلات السوق المصرية، الأحداث الاقتصادية المهمة في مصر، أخبار اقتصادية من الدول العربية، تحليلات اقتصادية إقليمية، الأحداث الاقتصادية المهمة في العالم العربي”.

كما يقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” الأحداث الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، بالإضافة إلي خدمات توعوية، مقالات تحليلية، دراسات اقتصادية، إنفوجرافيك، فيديوهات، تحليلات أسواق المال، نصائح استثمارية، أدوات مالية”.

مقالات ذات صلة

الاكثر قراءة