تثار تساؤلات بالغة الأهمية بعد انتهاء التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل حول ما ينتظر الاقتصاد العالمي: هل سنشهد انتعاشًا سريعًا للأسواق؟ أم أن تداعيات الصراع ستترك أثرًا طويل الأمد في النمو والتجارة والسياسات النقدية حول العالم؟

هدوء مؤقت في أسعار النفط

تجاوزت أسعار النفط 80 دولارًا للبرميل خلال فترة التصعيد، مدفوعة بمخاوف من اضطراب في إمدادات الشرق الأوسط، خصوصًا عبر مضيق هرمز الذي يمر عبره حوالي 20% من التجارة النفطية. بدأت الأسعار الآن بعد اتفاق الهدنة في الانخفاض مع وصول برنت لمستويات 70–75 دولار، مما قد يخفف قليلاً من الضغوط التضخمية لكن المخاوف الأمنية ما تزال موجودة، ولا تزال ظروف السوق حساسة لأي تطورات جديدة.

انتعاش الأسهم والحذر في قرارات المستثمرين

شهدت أسواق الأسهم العالمية انتعاشًا ملحوظًا مثل مؤشر Nasdaq 100 فقد سجل مستويات قياسية، وارتفع S&P 500 بأكثر من 20% منذ بداية العام، وينبع هذا النمو من انخفاض المخاطر الجيوسياسية وتوقعات تخفيف أسعار الفائدة ويجب على المستثمرين الحذر وعدم الاستهانة بخطورة عدم الاستقرار السياسي والسياسات المتقلبة.

السياسة النقدية وسط مخاوف التضخم

ترى البنوك المركزية موقفًا معقدًا ورغم هدوء الضغوط من النفط، فرفع أسعار الفائدة كان رد فعل على التضخم، والآن مع انخفاض التضخم هناك عدم استقرار الأسواق والتجارة، فإن معظم البنوك كالبنك الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا يفضلون تبني موقف الانتظار والترقب، رافضين تخفيض الفائدة بشكل فوري .

آسيا تتحسس الخطر

جاء آسيا في قلب التوقعات، الأكثر اعتمادًا على مورد الطاقة من الشرق الأوسط كالصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية مع كونها الأغلب من واردات النفط عبر هرمز، حيث أصبحت الأنظمة الاقتصادية فيها عرضة لتقلبات العرض والطلب، وحتى لو هدأ التوتر، فإن المستثمرين في آسيا يراقبون عن كثب أي هزات جديدة قد تترك أثرًا على النمو والطاقة.

إعادة تنشيط التجارة

لقد أثرت الحرب بشكل مباشر على التجارة من خلال اضطراب الملاحة في هرمز والبحر الأحمر، مما دفع الشركات لاستخدام طرق أطول وأعلى تكلفة، وربما تقلل الهدنة من تلك التكاليف، ولكن التوقعات تشير إلى أن بعض التعديلات في سلاسل الإمداد قد تصبح دائمة، الأمر الذي سيسهم في تكاليف لوجستية مستمرة.

الاستثمارات في الطاقة النظيفة

كشفت الأزمة عن هشاشة الاعتماد على الوقود الأحفوري مع انتقال المخاطر إلى الظهور الدوري، مما قد يدفع الحكومات لتسريع خطة التحول للطاقة النظيفة، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى مبادرات تمويلية ضخمة للطاقة الشمسية والرياح، خاصة في آسيا وأوروبا، كنصرة للاستقلالية الطاقية.

انعكاسات على النمو الاقتصادي العالمي

تتفق المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وS&P Global على أن النمو الاقتصادي العالمي في 2025 قد يظل متراجعًا، بينما تتعمق المخاطر على اقتصادات الخليج ودول تعتمد على السياحة أو التجارة الإقليمية . وقد يتراجع النمو المتوقع للشرق الأوسط إلى 2%–3%، وقد يشهد العالم نموًا بمعدل 2.3%، مع سيناريوهات متفاوتة تمحورها حول وضوح المسار السياسي.

التشريعات والسياسات الاستثمارية

على الرغم من أن الهدنة وضعت حدًا مؤقتًا للصراع، إلا أن حالة عدم الاستقرار ما زالت تفرض نفسها على المنطقة، مما يفتح المجال أمام بعض العواصم الاقتصادية مثل دبي، الرياض، وأبو ظبي، لاستغلال هذا المناخ في جذب مزيد من الاستثمارات. ومن المتوقع أن تشهد هذه المدن دفعات جديدة نحو تحديث البنية التحتية اللوجستية، وتعزيز تشريعات حماية الاستثمار، بما يقلل من المخاطر المستقبلية ويزيد من قدرة هذه الأسواق على التكيف مع أي متغيرات محتملة في الإقليم.

وينبغي اعتبار الأزمة الشرقية بشكل عام جرس إنذار فاقتصاد العالم يملك وسائل مقاومة لكنها ليست درعًا كاملًا، ويوفر انتهاء المواجهة فرصًا مؤقتة لجني المكاسب، لكن لا ينبغي استبعاد العودة إلى الضغوطات. المحافظون الماليون، المستثمرون، وصناع السياسات، أمام فرصة لإعادة التفكيك، ولكن القرار الأهم: هل نتعلم من الأزمة ونجهز اقتصاد أكثر مرونة، أم نعود إلى ما قبلها ونعيد تكرار الأخطاء؟

         رضــــــــا شـعبـــــان

    خبير الاقتصاد وأسواق المال

إنفينيتي الاقتصادية

ويمكنك متابعة موقع “إنفينيتي الاقتصادية” عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أحدث التحديثات اليومية لأسعار العملات الأجنبية والعملات العربية مقابل الجنيه، بالإضافة إلى أسعار الذهب في مصر.

ويقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: “أخبار اقتصادية، أخبار محلية، أخبار الشركات المصرية، تحليلات السوق المصرية، الأحداث الاقتصادية المهمة في مصر، أخبار اقتصادية من الدول العربية، تحليلات اقتصادية إقليمية، الأحداث الاقتصادية المهمة في العالم العربي”.

كما يقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” الأحداث الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، بالإضافة إلي خدمات توعوية، مقالات تحليلية، دراسات اقتصادية، إنفوجرافيك، فيديوهات، تحليلات أسواق المال، نصائح استثمارية، أدوات مالية”.