الثلاثاء, 15 يوليو, 2025
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن

ثروات الشرق الأوسط: نعمة النفط أم لعنة الشعوب؟

جلس دبلوماسيان أوروبيان في عام 1916، بلندن وباريس ليقرروا مصير ملايين البشر في الشرق الأوسط. مارك سايكس البريطاني وفرانسوا جورج بيكو الفرنسي رسما خطوطاً على الخريطة، قسما قبائل وعشائر ومذاهب عاشت معاً لقرون. مائة عام لاحقاً، لا نزال ندفع ثمن تلك الليلة الباردة.

 

العراق الذي ضم البصرة السنية وبغداد المختلطة والموصل الكردية. سوريا التي جمعت الساحل العلوي والداخل السني والشرق الكردي. لبنان الذي وُلد مسيحياً وأصبح مسلماً أكثر من النصف. كل هذه الدول “الحديثة” تعيش اليوم أزمة هوية عميقة، والأسوأ أن الحلول لا تبدو في الأفق.

 

فلسطين: القضية التي لا تموت

يستيقظ كل طفل عربي منذ 76 عاماً على قصة فلسطين، ليس فقط لأنها قضية عادلة – وهي كذلك – بل لأنها أصبحت رمزاً لكل ما هو خطأ في المنطقة. العجز، الخذلان، الهزيمة، الانقسام.

يولد الأطفال في غزة تحت الحصار، وفي الضفة، تنتشر المستوطنات كالسرطان، وفي القدس، تهدم البيوت وتقتلع الأشجار، والعالم العربي يكتفي بالبيانات والإدانات.

هذا الجرح المفتوح لا يؤلم الفلسطينيين وحدهم، إنه يغذي التطرف، يبرر الاستبداد، ويفسد كل محاولة للتقدم، ولا يمكن للشرق الأوسط أن يتعافى بينما فلسطين تنزف.

 

نعمة النفط.. نقمة الشعوب

يكمن ثلث نفط العالم تحت رمال الخليج ، لكن فوق الأرض يعيش أناس محرومون من أبسط الحقوق دول بأكملها تعيش على ريع النفط، بينما مواطنوها عاطلون عن العمل، يعتمدون على الإعانات الحكومية.

الكويت والإمارات وقطر تبني ناطحات سحاب وجزر اصطناعية، والأسوأ أن النفط لن يدوم للأبد، يتجه العالم للطاقة المتجددة، والسيارات الكهربائية بدأت تغزو الأسواق. خلال 20 عاماً، قد تصبح هذه الثروة النفطية عبئاً وليس نعمة.

 

جيل بلا مستقبل

%60 من سكان المنطقة تحت سن الثلاثين، لكن البطالة بين الشباب تتجاوز 40% في بعض البلدان، هذا جيل كامل محبط، يائس، غاضب، والأنظمة الحاكمة تقدم له وعوداً فارغة وخطباً رنانة.

 

تركيا: الحنين للإمبراطورية

يحلم أردوغان بإعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية، في سوريا، يحتل الشمال بحجة محاربة الأكراد، وفي ليبيا، يدعم حكومة طرابلس ضد حفتر، وفي قطر، يحمي الأمير من الحصار الخليجي.

هذا التدخل التركي يلقى ترحيباً من بعض الإسلاميين، لكنه يثير مخاوف عربية من عودة الهيمنة التركية.

 

القوى الكبرى: العبث بالمصائر

 

  • أمريكا: القوة المترددة

 

تعبت واشنطن من الشرق الأوسط. 20 عاماً من الحروب في أفغانستان والعراق، تريليونات الدولارات، آلاف القتلى، وفي النهاية… لا شيء. طالبان عادت للحكم، والعراق غرق في الفوضى.

ترامب يخوض حروب تجارية مع دول العالم، لكن الشرق الأوسط لا يتركه وشأنه، فكلما حاولت أمريكا الانسحاب، تنفجر أزمة جديدة.

 

  • الصين: التاجر الصامت

 

تشتري بكين النفط، تبني المطارات والموانئ، تستثمر في التكنولوجيا. لا تتدخل في الصراعات، لا تنتقد الأنظمة، لا تطالب بحقوق الإنسان، فقط تجارة وأرباح.

ويلقى هذا النهج الصيني ترحيباً من الأنظمة العربية، لكنه لا يقدم حلولاً للمشاكل الجذرية.

 

التحديات الوجودية:

 

  • الكارثة الديموغرافية:

كل دقيقة يولد 40 طفلاً جديداً في العالم العربي، وهذا يعني 21 مليون طفل سنوياً، أين المدارس؟ أين المستشفيات؟ أين فرص العمل؟

 

  • أزمة المياه: الحرب القادمة

يواجه نهر النيل أزمة سد النهضة، دجلة والفرات تحت رحمة السدود التركية، الأردن يستورد 97% من المياه، اليمن قد يصبح أول بلد في العالم ينفد ماؤه، وبالتالي فإن الحروب القادمة لن تكون على النفط، بل على المياه.

 

  • الثورة التكنولوجية الفائتة:

بينما يبني الكوريون والصينيون مصانع الرقائق الإلكترونية، العرب يستوردون حتى الدبابيس، الفجوة التكنولوجية تتسع كل يوم، والشباب العربي يهاجر للعمل في وادي السيليكون.

بصيص أمل: هل من مخرج؟

 

رغم كل هذه المآسي، هناك بوادر أمل، نجحت الإمارات في بناء اقتصاد متنوع، يصدر المغرب السيارات لأوروبا، تبني مصر عاصمة إدارية جديدة، السعودية تطلق مشاريع عملاقة، لكن هذه الإنجازات المتناثرة لا تكفي، والمطلوب تغيير جذري في المنطق الحاكم:

 

أولاً: الديمقراطية ليست ترفاً، بل ضرورة، الشعوب التي تشارك في صنع القرار تكون أكثر إبداعاً وإنتاجية.

 

ثانياً: الاستثمار في التعليم والصحة أهم من شراء الأسلحة، دولة بشعب متعلم ومتحضر أقوى.

 

ثالثاً: التعاون الإقليمي أفضل من الصراعات العبثية، سوق مشتركة من المحيط للخليج يمكن أن تنافس الصين وأمريكا.

 

رابعاً: حل القضية الفلسطينية سيحرر المنطقة من أكبر مصادر التوتر.

الخيار الأخير:

 

أنجب الشرق الأوسط أعظم الحضارات: الفرعونية والبابلية والإسلامية، شعوب هذه المنطقة اخترعت الكتابة والرياضيات والطب، لكن اليوم، هذه الشعوب نفسها عاجزة عن إنتاج سيارة أو طائرة.

 

والسؤال الحقيقي: هل سيظل الشرق الأوسط رهينة ماضيه وأخطاء قادته؟ أم أنه سيقرر في لحظة تاريخية أن يستيقظ من غفوته الطويلة؟

 

والإجابة بين أيدي هذا الجيل الجديد من الشباب، هم من سيقررون: إما النهوض أو الانهيار النهائي، ولا يوجد خيار ثالث.

 

      غـــــــــادة طـــلعـــت
خبيرة الاقتصاد وأسواق المال

 

إنفينيتي الاقتصادية

ويمكنك متابعة موقع “إنفينيتي الاقتصادية” عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أحدث التحديثات اليومية لأسعار العملات الأجنبية والعملات العربية مقابل الجنيه، بالإضافة إلى أسعار الذهب في مصر.

ويقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: “أخبار اقتصادية، أخبار محلية، أخبار الشركات المصرية، تحليلات السوق المصرية، الأحداث الاقتصادية المهمة في مصر، أخبار اقتصادية من الدول العربية، تحليلات اقتصادية إقليمية، الأحداث الاقتصادية المهمة في العالم العربي”.

كما يقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” الأحداث الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، بالإضافة إلي خدمات توعوية، مقالات تحليلية، دراسات اقتصادية، إنفوجرافيك، فيديوهات، تحليلات أسواق المال، نصائح استثمارية، أدوات مالية”.

مقالات ذات صلة

الاكثر قراءة