الثلاثاء, 18 نوفمبر, 2025
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن

رؤية مصر السياحية 2030.. كيف تخطط القاهرة لتحويل الحضارة إلى اقتصاد مستدام؟

تتطلع مصر إلى تحقيق إيرادات سياحية تبلغ 30 مليار دولار بحلول عام 2030، في خطوة تبدو طموحة، ولكنها تستند إلى رؤية شاملة تتجاوز الصور النمطية للسياحة التقليدية التي اعتمدت لعقود على الأهرامات والمعابد وحدها. تقوم هذه الرؤية على تنويع المقاصد والأنشطة السياحية واستهداف شرائح جديدة من الزوار، بما يرفع عدد السياح إلى 30 مليون سنويًا، ويضاعف الإيرادات، ويوفر مليون فرصة عمل جديدة، ويزيد مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 25%. لكن يبقى السؤال: كيف يمكن تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس؟

 

ظل المنتج السياحي المصري طوال عقود يدور في فلك واحد، يعتمد على الآثار الفرعونية والجولات الكلاسيكية في القاهرة والأقصر وأسوان. رحلة قصيرة لا تتجاوز أسبوعًا واحدًا، تنتهي غالبًا بعبارة “زيارة لمرة واحدة”. غير أن الرهان الجديد يختلف تمامًا، إذ تسعى الدولة إلى إعادة تعريف السياحة المصرية من خلال توسيع نطاق التجربة لتشمل المؤتمرات الدولية والسياحة العلاجية والمهرجانات الثقافية والموسيقية، إضافة إلى الغوص واليخوت والسياحة البيئية. الفكرة ببساطة: أن يعود السائح مرة أخرى، وأن يطيل إقامته وينفق أكثر.

 

ولقد شهدت السنوات الأخيرة طفرة واسعة في البنية التحتية الداعمة للسياحة، من مطارات جديدة وطرق سريعة تربط المقاصد السياحية، إلى تحسين خدمات الاتصالات وتسهيل التأشيرات وجعل بيئة الاستثمار في القطاع أكثر جاذبية.

 

المتحف المصري الكبير.. رهان الحضارة الحديثة

 

يمثل المتحف المصري الكبير علامة فارقة في استراتيجية مصر السياحية الجديدة، ليس فقط كصرح أثري ضخم يضم كنوز الحضارة المصرية، بل كنموذج حديث لدمج التاريخ بالتكنولوجيا. يضم المتحف تقنيات عرض رقمية تفاعلية، ومساحات ترفيهية ومطاعم ومراكز أبحاث وفعاليات ثقافية مستمرة، ليصبح وجهة عالمية بامتياز.

 

تشير التقديرات إلى قدرته على استقبال 5 ملايين زائر سنويًا بإيرادات تتجاوز 200 مليون دولار، مع توفير أكثر من 20 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. سيغدو المتحف نقطة جذب عالمية جديدة تضاف إلى الأهرامات وتعيد تعريف السياحة الثقافية المصرية.

 

العاصمة الإدارية.. وجهة جديدة لسياحة المؤتمرات والأعمال

 

لا تقتصر العاصمة الإدارية الجديدة على كونها مركزًا حكوميًا وإداريًا فحسب، بل تمثل ركيزة مهمة في استراتيجية السياحة المستقبلية. تضم المدينة أطول برج في إفريقيا، وأكبر دار أوبرا في الشرق الأوسط، وحدائق شاسعة وفنادق عالمية ومراكز مؤتمرات حديثة، لتستقطب شريحة مختلفة من الزوار تضم رجال الأعمال والمشاركين في الفعاليات الدولية.

 

وتسعى الحكومة إلى جعل العاصمة الجديدة محورًا لسياحة المؤتمرات، بما يعزز حضور مصر على خريطة الفعاليات الاقتصادية والثقافية الكبرى في العالم، ويضمن تدفقات نقدية كبيرة وطلبًا إضافيًا على الخدمات الفندقية والترفيهية.

 

الأقصر وأسوان.. من متحف مفتوح إلى مدينتين نابضتين بالحياة

 

تعيد الخطط الجديدة رسم ملامح السياحة في صعيد مصر. فبدلًا من أن تكون الأقصر وأسوان محطتين للزيارة القصيرة، يجري تحويلهما إلى مدن نابضة بالحياة تجمع بين عبق التاريخ وروح الحداثة.

 

يشهد الكورنيش النيلي في الأقصر تطويرًا شاملًا بمطاعم ومقاهٍ ومعارض فنية وعروض مسرحية، فيما تتحول أسوان إلى مركز للسياحة النيلية واليخوت والرياضات المائية. الهدف واضح: إطالة مدة إقامة السائح وزيادة إنفاقه عبر تجربة تجمع الثقافة والترفيه والاستجمام.

 

طفرة فندقية واستثمارات ضخمة

 

تشهد مصر حاليًا استثمارات تفوق 15 مليار دولار في البنية الفندقية والعقارات السياحية، تشمل بناء خمسين ألف غرفة فندقية جديدة على امتداد المناطق السياحية في الساحل الشمالي والبحر الأحمر والعين السخنة وشرم الشيخ ومرسى علم.

 

وتهدف هذه الاستثمارات إلى تحسين جودة الخدمة ورفع مستوى المنافسة مع المقاصد الإقليمية والدولية، لتصبح تجربة السائح في مصر أكثر راحة ورفاهية وتكاملًا.

 

الأثر الاقتصادي.. أكثر من مجرد أرقام

 

تتجاوز أهمية الخطة السياحية حدود الإيرادات المالية، إذ يمكن أن يساهم القطاع بنحو ربع الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، مع توفير مليون فرصة عمل جديدة في مجالات الضيافة والنقل والإرشاد والتسويق والخدمات المساندة.

 

كما تسهم السياحة في زيادة الصادرات الخدمية إلى 40% من إجمالي الصادرات، وتعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الذي قد يتجاوز 10 مليارات دولار، ما يرفع كفاءة الاقتصاد المصري ويقلل اعتماده على الصادرات السلعية التقليدية.

 

ورغم وضوح الرؤية وشموليتها، تواجه الخطة تحديات تتعلق بالاستقرار الأمني وجودة الخدمة ومستوى التدريب، وهي عناصر حاسمة في تجربة السائح. كما تحتاج مصر إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية وخدمات النقل الداخلي والطوارئ في المناطق السياحية، إضافة إلى تبني استراتيجيات تسويق رقمية مبتكرة تعتمد على المؤثرين والمحتوى البصري والتجارب التفاعلية.

 

2030.. عام الحصاد المنتظر

 

تبدو ملامح الرؤية السياحية لمصر 2030 طموحة ومدروسة، وتملك البلاد كل المقومات لتحقيقها: من التاريخ العريق إلى الموقع الجغرافي الفريد، ومن التنوع الطبيعي إلى الشعب المضياف. لكن النجاح لن يتحقق بالشعارات، بل بالتنفيذ الدقيق والمتابعة الجادة.

 

وفي وسط سباق السياحة العالمية، لا مكان للانتظار، وكل يوم تأخير يعني خسارة فرص جديدة وإيرادات كان يمكن تحقيقها.

 

وتبقى الإجابة النهائية في نهاية العقد: هل تنجح مصر في تحويل حضارتها القديمة إلى اقتصاد سياحي حديث ومستدام؟

 

           رضــــــــا شـعبـــــان

    خبير الاقتصاد وأسواق المال

 

 

إنفينيتي الاقتصادية

ويمكنك متابعة موقع “إنفينيتي الاقتصادية” عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أحدث التحديثات اليومية لأسعار العملات الأجنبية والعملات العربية مقابل الجنيه، بالإضافة إلى أسعار الذهب في مصر.

ويقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: “أخبار اقتصادية، أخبار محلية، أخبار الشركات المصرية، تحليلات السوق المصرية، الأحداث الاقتصادية المهمة في مصر، أخبار اقتصادية من الدول العربية، تحليلات اقتصادية إقليمية، الأحداث الاقتصادية المهمة في العالم العربي”.

كما يقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” الأحداث الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، بالإضافة إلي خدمات توعوية، مقالات تحليلية، دراسات اقتصادية، إنفوجرافيك، فيديوهات، تحليلات أسواق المال، نصائح استثمارية، أدوات مالية”.

 

مقالات ذات صلة

الاكثر قراءة