الخميس, 2 أكتوبر, 2025
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن

زيارة ملك إسبانيا لمصر.. شراكة استراتيجية تعزز مكانة مصر بين ضفتي المتوسط

  في ظل التحولات الدولية والاقليمية الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة استقبلت القاهرة ملك إسبانيا فيليبي السادس وقرينته في زيارة رسمية حملت أبعاداً تتجاوز البروتوكول إلى رسم ملامح شراكة جديدة بين ضفتي المتوسط واستقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجاء عقد منتدى الأعمال المصري–الإسباني ليؤكد أن العلاقات الثنائية أصبحت جزءاً من رؤية أوسع تستند إلى تعزيز الشراكات المصرية مع الاتحاد الأوروبي ككل حيث تمثل أسبانيا جسراً هاما لدعم مصر داخل مؤسسات الاتحاد وصياغة سياسات تنموية وأمنية مشتركة ، ونعرض لأهم أبعاد ونتائج الزيارة الملكية لمصر :-

 

أولاً: البعد السياسي والدبلوماسي

 

  أكدت القمة بين الرئيس السيسي والملك فيليبي السادس على متانة العلاقات المصرية–الإسبانية وضرورة تطويرها لتواكب المتغيرات الإقليمية والدولية فمصر باعتبارها شريكاً استراتيجياً للاتحاد الأوروبي في قضايا الأمن والهجرة ومكافحة الإرهاب ترى في إسبانيا صوتاً داعماً لمصر داخل الاتحاد الأوربى خاصة في الملفات المتعلقة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، ومن جانبها تنظر إسبانيا إلى مصر كضامن للاستقرار في المنطقة بما يسهم في حماية الأمن الأوروبي المتوسطي. وقد عكس الحوار السياسي خلال الزيارة توافقاً في الرؤى تجاه عدد من القضايا مثل القضية الفلسطينية وأهمية التوصل لتسويات سلمية للأزمات الإقليمية بما يتفق مع المواقف الأوروبية.

 

ثانياً: البعد الاقتصادي والتنموي

 

 جاء منتدى الأعمال المصري–الإسباني ليترجم الجانب الاقتصادي للزيارة، حيث ناقش الجانبان فرص التعاون في الطاقة المتجددة والنقل البحري والبنية التحتية والتحول الرقمي. وتم توقيع اتفاقية “الشراكة من أجل التنمية 2025–2030” التي تهدف إلى مضاعفة حجم التبادل التجاري وتعزيز الاستثمارات المشتركة، ولكن أهمية هذه الخطوة لا تقف عند حدود العلاقات المصرية الأسبانية فقط بل تتسع لتشكل جزءاً من الإطار الاستراتيجي للعلاقات المصرية–الأوروبية.

  وتشهد العلاقات بين البلدين ديناميكية واضحة حيث بلغت الصادرات الإسبانية إلى مصر مليارًا و457 مليون يورو بينما تجاوزت الواردات 1.6 مليار يورو ، وتعمل أكثر من 60 شركة إسبانية في مصر وتلعب دورًا مهمًا في دعم التنمية الاقتصادية من خلال خبراتها.

 

ثالثاً: العلاقات المصرية – الأوروبية في أرقام

 

   لا يمكن النظر إلى زيارة ملك إسبانيا للقاهرة بمعزل عن الإطار الأوسع للعلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي. فالاتحاد الأوروبي يعد الشريك التجاري الأول لمصر، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين نحو 32.5 مليار يورو في عام 2024، بزيادة في الصادرات المصرية التي وصلت إلى 12.6 مليار يورو، مقابل واردات من أوروبا بحوالي 19.9 مليار يورو.

   وتكشف هذه الأرقام عن توجه متنامٍ نحو تقليص فجوة العجز فى الميزان التجاري والعمل على زيادة الصادرات المصرية إلى السوق الأوروبية. وإلى جانب التجارة، تشكل الاستثمارات الأوروبية ما يقارب ثلث الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر مع توسع واضح في القطاعات الخضراء مثل الطاقة المتجددة والمياه ووالزراعة المستدامة. وسبق أن أعلن الاتحاد الأوروبي عن حزمة دعم شاملة لمصر تصل إلى 7.4 مليار يورو (حوالى 8 مليار دولار أمريكى) تتضمن قروض ميسرة ومنح لتعزيز الاقتصاد المصرى ودعم الإصلاحات وتوفير حلول عملية لملفات حساسة مثل الطاقة والهجرة. كما يخطط الاتحاد عبر آليات التمويل الأخضر لضخ استثمارات إضافية بنحو 5 مليارات يورو حتى عام 2027.

    وهذه المؤشرات تضع العلاقات المصرية – الإسبانية في إطارها الطبيعي كجزء من شبكة أوسع، حيث يمكن لمدريد أن تكون صوتاً داعماً لمصر داخل الاتحاد الأوروبي، وفي الوقت نفسه تستفيد من موقع مصر كبوابة إلى أسواق إفريقيا والعالم العربي، وهو ما يمنح الشراكة الثنائية بين مصر وإسبانيا بعداً استراتيجياً اضافيا.

 

رابعاً: البعد الاستراتيجي والإقليمي

 

 تحمل الزيارة أيضاً بعداً استراتيجياً يتكامل مع أولويات الاتحاد الأوروبي في المنطقة فمن جهة تعمل مصر على تعزيز موقعها كمركز إقليمي للطاقة وهو ما يتلاقى مع أهداف أوروبا لتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية بعد الحرب في أوكرانيا ،وهنا يبرز التعاون المصري–الإسباني كجزء من منظومة أوروبية أوسع تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة. ومن جهة أخرى، تسهم مصر في دعم استقرار أسواق إفريقيا والشرق الأوسط، مما يوفر بيئة أكثر أمناً للاستثمارات الأوروبية ، وتُعد إسبانيا في هذا السياق شريكاً محورياً لمصر ليس فقط بشكل ثنائي، بل كفاعل مؤثر في سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه دول الجنوب.

 

خامساً: رسائل الزيارة ودلالاتها

 

  كما تكشف زيارة ملك إسبانيا للقاهرة عن رغبة أوروبية متنامية في تعزيز الشراكات مع مصر باعتبارها دولة محورية تجمع بين الاستقرار السياسي والقدرة على النفاذ إلى الأسواق الإفريقية والعربية كما تعكس الزيارة ثقة مدريد  ومن ورائها الاتحاد الأوروبي  في قدرة القاهرة على أن تكون شريكاً موثوقاً في ملفات الطاقة والتنمية والأمن.  

  وفي المقابل، تؤكد مصر أن انفتاحها على الشركاء الأوروبيين يندرج ضمن سياسة تنويع التحالفات وتعزيز موقعها الدولي، دون أن يأتي على حساب علاقاتها العربية أو الإفريقية أو الآسيوية.

 

  ومن الجدير بالذكر، أن زيارة ملك إسبانيا إلى مصر وما تخللها من عقد قمة سياسية ومنتدى أعمال اقتصادي، لم تكن مجرد حدث بروتوكولي بل خطوة استراتيجية على طريق بناء شراكة متوازنة بين ضفتي المتوسط. فقد وضعت الزيارة أسس تعاون سياسي واقتصادي واستراتيجي جديد، يراعي المصالح المشتركة ويستجيب للتحديات العالمية الراهنة.

 

  وتكتسب هذه الزيارة أهمية كبيرة حين يتم قراءتها في سياق العلاقات المصرية – الأوروبية حيث يمكن أن تشكل مدريد جسراً يربط بين القاهرة والاتحاد الأوروبي بما يعزز موقع مصر كمحور للاستقرار والتنمية في المنطقة.

   ويبقى التحدي الأكبر هو كيفية تحويل هذه التفاهمات إلى خطوات عملية تجعل من العلاقات المصرية–الإسبانية رافعة حقيقية لتعميق التعاون المصري–الأوروبي لخدمة مصالح الشعوب على ضفتي المتوسط.

 

 

        الوزير المفوض الدكتور/ منجي على بدر

    عضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة

 

 

إنفينيتي الاقتصادية

ويمكنك متابعة موقع “إنفينيتي الاقتصادية” عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أحدث التحديثات اليومية لأسعار العملات الأجنبية والعملات العربية مقابل الجنيه، بالإضافة إلى أسعار الذهب في مصر.

ويقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: “أخبار اقتصادية، أخبار محلية، أخبار الشركات المصرية، تحليلات السوق المصرية، الأحداث الاقتصادية المهمة في مصر، أخبار اقتصادية من الدول العربية، تحليلات اقتصادية إقليمية، الأحداث الاقتصادية المهمة في العالم العربي”.

كما يقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” الأحداث الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، بالإضافة إلي خدمات توعوية، مقالات تحليلية، دراسات اقتصادية، إنفوجرافيك، فيديوهات، تحليلات أسواق المال، نصائح استثمارية، أدوات مالية”.

 

مقالات ذات صلة

الاكثر قراءة