الإثنين, 2 يونيو, 2025
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن

كيف تؤثر قرارات الفيدرالي الأمريكي على أسعار الذهب والعملات في الشرق الأوسط؟

كيف تؤثر قرارات الفيدرالي الأمريكي على أسعار الذهب والعملات في الشرق الأوسط؟

عند النظر في كل مرة يصدر فيها البنك الفيدرالي الأمريكي قراره بشأن أسعار الفائدة، يتحول المشهد الاقتصادي العالمي إلى ما يشبه رقعة شطرنج متحركة، حيث ترتفع عملات، وتتراجع أخرى، وتهبط أسعار الذهب لتعود وتتحرك من جديد، وفي قلب هذه الحركة المستمرة، تقف اقتصادات الشرق الأوسط مترقبة، إذ أن قرارًا واحدًا يصدر من العاصمة الأمريكية كفيل بأن يعيد تشكيل خريطة أسعار الصرف وأسواق الذهب والنفط وحتى أسعار السلع الاستهلاكية في الدول العربية.

 

وقد يتساءل البعض، ما الذي يجعل قرارًا صادرًا من البنك المركزي الأمريكي يتجاوز حدود واشنطن ليؤثر على سعر الجنيه المصري، الريال السعودي، الدرهم الإماراتي، الدينار البحريني، أو الريال القطري؟ والإجابة ببساطة تكمن في طبيعة النظام المالي العالمي الذي يتربع فيه الدولار على القمة، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأصبح الدولار هو العملة الدولية الأولى التي تعتمد عليها معظم الحكومات في احتياطاتها النقدية، وأساسًا لتسعير السلع الأساسية مثل النفط، الذهب، القمح، والسلع الغذائية.

 

آلية عمل الفيدرالي وتأثيرها على الأسواق العالمية:

 

يتحكم البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في أسعار الفائدة الأمريكية، والذي يعرف اختصارًا بالفيدرالي، وهي النسبة التي تقترض بها البنوك الأموال من بعضها البعض، وتؤثر بالتبعية على كل أسعار الفائدة الأخرى في العالم، فحين يرفع الفيدرالي سعر الفائدة، يصبح الدولار أكثر جاذبية للمستثمرين، لأنه يمنحهم عائدًا أعلى عند الاحتفاظ به أو عند شراء سندات الخزانة الأمريكية، التي تعد من أكثر أدوات الاستثمار أمانًا في العالم.

وتصبح العملات الأخرى في المقابل أضعف أمام الدولار، خاصة عملات الدول النامية أو الاقتصادات الناشئة، التي غالبًا ما تعتمد على الدولار بشكل مباشر أو غير مباشر، وهنا تبدأ تأثيرات القرار الأمريكي في الظهور داخل أسواق الشرق الأوسط.

 

فالدول التي تربط عملاتها بالدولار، مثل السعودية والإمارات والبحرين وقطر، تجد نفسها مضطرة لرفع أسعار الفائدة بنفس المستوى تقريبًا للحفاظ على استقرار سعر الصرف، وإلا ستتجه رؤوس الأموال للخروج من السوق المحلي نحو الدولار، أما الدول التي لا تربط عملتها بالدولار لكنها تعتمد عليه في احتياطياتها وتعاملاتها التجارية، مثل مصر والأردن ولبنان، فتشهد عملاتها المحلية تراجعًا حادًا أمام الدولار مع كل رفع جديد للفائدة الأمريكية.

 

تأثير قرارات الفيدرالي على سوق الذهب:

 

إن التأثير لقرارات الفيدرالي لا يتوقف عند العملات فالذهب، وهو أحد أهم أدوات الاستثمار الآمن في العالم، يتحرك في اتجاه معاكس لأسعار الفائدة عادة، فعندما ترتفع الفائدة الأمريكية يتراجع الطلب على الذهب لأنه لا يحقق عائدًا سنويًا ثابتًا مثل السندات أو الودائع بالدولار، فينخفض سعره في الأسواق العالمية. أما عندما تنخفض الفائدة، يتجه المستثمرون مجددًا للذهب كملاذ آمن، خاصة في أوقات الأزمات والاضطرابات السياسية.

 

ويمثل الذهب في أسواق الشرق الأوسط ليس فقط استثمارًا ماليًا، بل أداة ادخار شعبية معروفة، لذلك يتأثر المواطن العادي بهذه التحركات دون أن يشعر، ففي اللحظة التي يعلن فيها الفيدرالي عن قراره، تتحرك أسعار الذهب في القاهرة ودبي والرياض صعودًا أو هبوطًا، ويبدأ المتعاملون في أسواق الذهب باتخاذ قرارات البيع أو الشراء وفقًا للمشهد الجديد، وفي كثير من الأحيان يحدث تذبذب سريع بين الارتفاع والانخفاض في سعر الذهب المحلي خلال يوم أو يومين عقب أي قرار للفيدرالي.

 

ويمتد الأمر كذلك إلى حياة المواطن اليومية فكلما ارتفع سعر الدولار أمام العملة المحلية، ارتفعت معه تكلفة استيراد السلع والخدمات، خاصة في الدول المستوردة للغذاء والطاقة، ويدفع ذلك أسعار السلع الأساسية للزيادة، بما يرفع من معدلات التضخم، ويؤثر على القدرة الشرائية للمواطن. كما يتسبب ارتفاع سعر الفائدة في زيادة تكلفة القروض البنكية، سواء التمويل الشخصي أو القروض العقارية، مما يعمق الضغط على ميزانيات الأفراد والأسر.

 

تأثير قرارات الفيدرالي على الأسواق المالية والاستثمارات:

 

تلجأ كثير من رؤوس الأموال الأجنبية في أوقات رفع سعر الفائدة الأمريكية إلى الخروج من الأسواق الناشئة، بما فيها دول الشرق الأوسط، بحثًا عن عائد أعلى وأمان أكبر في الأصول الأمريكية، ويؤدي ذلك إلى تراجع مؤشرات البورصة، وخروج استثمارات مؤقتة تعرف بـ “الأموال الساخنة”، وتجد بعض الحكومات نفسها مضطرة لطرح أدوات دين محلية أو دولية بعائد أعلى لجذب المستثمرين وتعويض نزيف العملات الأجنبية.

 

وقد شهدت المنطقة العربية نماذج واضحة على هذا التأثير خلال العامين الأخيرين، ففي شهر مارس 2022، حين بدأ الفيدرالي الأمريكي أولى موجات رفع الفائدة بعد جائحة كورونا، شهدت عملات عدة دول عربية تراجعًا ملحوظًا حيث انخفض الجنيه المصري، وخسرت الليرة اللبنانية مزيدًا من قيمتها، وارتفعت تكلفة الاستيراد، وازدادت الأسعار في الأسواق، كما اضطرت بعض الدول إلى رفع أسعار الفائدة المحلية بشكل متتابع للحفاظ على جاذبية أدواتها المالية وتقليل الضغط على عملاتها الوطنية.

 

وتلعب قرارات الفيدرالي على الجانب الآخر دورًا في تحريك سوق العقارات، فرفع سعر الفائدة يعني ارتفاع تكلفة القروض العقارية، وهو ما يقلل من الإقبال على الشراء، ويدفع بعض المستثمرين لإعادة التفكير في جدوى الاستثمار العقاري في ظل ارتفاع الفائدة البنكية وانخفاض قيمة العملات المحلية.

 

ولا يمكن فصل اقتصاد الشرق الأوسط عن قرارات السياسة النقدية الأمريكية، فطالما أن الدولار هو العملة الأولى في العالم، سيظل قرار الفيدرالي الأمريكي مؤثرًا في قيمة العملات العربية أو الخليجية تحديدًا، وأسعار الذهب في الأسواق الشعبية، وهو ما يفسر لماذا تتحول اجتماعات الفيدرالي الأمريكي إلى خبر رئيسي في نشرات الأخبار العربية، ولماذا يتابع المواطن العادي، حتى لو من بعيد، هذه القرارات التي قد تحدد مستوى معيشته في الأسابيع والشهور التالية.

 

 بقلم : رضــــا شـعبـــــان

    خبير أسواق المال

 

إنفينيتي الاقتصادية

ويمكنك متابعة موقع “إنفينيتي الاقتصادية” عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أحدث التحديثات اليومية لأسعار العملات الأجنبية والعملات العربية مقابل الجنيه، بالإضافة إلى أسعار الذهب في مصر.

ويقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: “أخبار اقتصادية، أخبار محلية، أخبار الشركات المصرية، تحليلات السوق المصرية، الأحداث الاقتصادية المهمة في مصر، أخبار اقتصادية من الدول العربية، تحليلات اقتصادية إقليمية، الأحداث الاقتصادية المهمة في العالم العربي”.

كما يقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” الأحداث الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، بالإضافة إلي خدمات توعوية، مقالات تحليلية، دراسات اقتصادية، إنفوجرافيك، فيديوهات، تحليلات أسواق المال، نصائح استثمارية، أدوات مالية”.

مقالات ذات صلة

الاكثر قراءة