الناس في السوشيال ميديا بتتنافس في إلقاء الخطب الرنانة عن “انعدام الضمير” و”الحزن الأسود” و”قلة الوعي” لأن أخصائية ترميم في المتحف المصري الكبير باعت أسورة ذهبية أثرية بـ180 ألف جنيه، لكن الحقيقة إن ده كلام سطحي جدًا، أقرب لـ”مواعظ الجمعة” اللي بترتاح لها الضمائر، لكنها بتهرب من السؤال الأخطر: إزاي موظفة في وزارة الآثار – اللي كل يوم بتتعامل مع كنوز بتساوي ملايين الدولارات – تبيع أثر لا يقدر بثمن بسعر لا يكفي حتى لدفع مصروفات مدرسة متوسطة لأولادها؟
الجواب ببساطة: الفقر والحاجه وحالة العوز اللي بيعشها ملايين من المصريين.
الفقر اللي سيدنا عمر بن الخطاب قال عنه: “لو كان الفقر رجلًا لقتلته”، الفقر اللي بيدوس على القيم ويكسر المروءة ويدفع الإنسان للي ما كانش يتخيله.
لما موظفة متعلمة ومسؤولة عن ترميم تاريخ بلدها تلاقي نفسها بتدور على قرشين تسد بيهم احتياجات أسرتها – في زمن الحكومة بتسمي فيه رفع الدعم وغلاء الأسعار “إصلاح اقتصادي” – يبقى لازم نعيد تعريف كلمة “المجرم”.
المجرم مش الموظفة لوحدها، المجرم الحقيقى هو السياسات اللي حولت الموظف الحكومي – اللي بيخدم في أخطر المواقع – لإنسان مسحوق مش لاقي يعيش.
المجرم هو اللي ساب المصري النهاردة يبيع تاريخه – بنفس الطريقة اللي حصلت في “الشدة المستنصرية” وقت المجاعة لما الناس باعوا الذهب والكنوز بحفنة دقيق.
اللي يضحك، إن بعض الناس واقفة تعظ فينا عن “انعدام الضمير” وكأن الست دي صحيت من النوم قررت تخون وطنها، بس ما حدش فيهم وقف لحظة يسأل: إزاي موظفة من المفروض إنها “نخبة” في قطاع حساس زي وزارة الآثار، تتحول لمرحلة إنها تبص للأثر مش كرمز للتاريخ، بل كحبل نجاة اقتصادي؟
الأسورة دي كان ممكن تتباع بصفقة تهريب بملايين الدولارات، لكن اتباعت بـ180 ألف جنيه! ليه؟ عشان الجوع أقوى من الطموح، والعوز أضعف من أي مؤامرة دولية.
النخبة اللي هما المفروض نخبة من المثقفين بيحبوا يعلقوا شماعة “الأفراد الفاسدين”، وتسيب القضية الأساسية: إن الفقر والغلاء بيخلقوا من أرقى الموظفين وأشرف الناس لصوص مضطرين.
وهنا نرجع لجوهر الموضوع: دي مش مجرد جريمة سرقة، بالعكس دي جريمة دولة.
الحقيقة أن اللي باع الأسورة مش شخص واحد، اللي باعها سياسات حكومية كاملة حاصرة الناس في قفص العوز.
وكما قال أحمد زكي في المشهد الأيقوني بفيلم “ضد الحكومة”: “كلنا فاسدون، لا أستثني أحدًا”، إحنا قدام جريمة سرقة بالفعل، لكن المؤظفة مش هي السارقة الوحيدة، المجرم الحقيقي هو الحكومة اللي دفعت الناس دفعًا إلى حافة اليأس، حتى صار بيع التاريخ أخف ضررًا من الجوع.
إنفينيتي الاقتصادية
ويمكنك متابعة موقع “إنفينيتي الاقتصادية” عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أحدث التحديثات اليومية لأسعار العملات الأجنبية والعملات العربية مقابل الجنيه، بالإضافة إلى أسعار الذهب في مصر.
ويقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: “أخبار اقتصادية، أخبار محلية، أخبار الشركات المصرية، تحليلات السوق المصرية، الأحداث الاقتصادية المهمة في مصر، أخبار اقتصادية من الدول العربية، تحليلات اقتصادية إقليمية، الأحداث الاقتصادية المهمة في العالم العربي”.
كما يقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” الأحداث الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، بالإضافة إلي خدمات توعوية، مقالات تحليلية، دراسات اقتصادية، إنفوجرافيك، فيديوهات، تحليلات أسواق المال، نصائح استثمارية، أدوات مالية”.