الجمعة, 20 يونيو, 2025
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن يكتب: نادي كارهي الرأسمالية.. عندما يتحدث ساويرس عن ندمه

محمد عبدالرحمن يكتب: نادي كارهي الرأسمالية.. عندما يتحدث ساويرس عن ندمه

“لو كنت أعرف، كنت جيت من زمان”.. هكذا قالها نجيب ساويرس في لحظة إعجاب حقيقي بتجربة الإمارات في الاستثمار، لكن وقعها في مصر كان مختلفًا.

مقولة ساويرس تطرح سؤالًا أخلاقيًا قبل أن يكون اقتصاديًا، عن قيمة الوفاء للدولة التي صنعت ثروتك؟ لم تكن مجرد إشادة بتجربة دولة شقيقة، بل كانت وكأنها رسالة وداع من أحد كبار المستثمرين، الذي جمع ملياراته في السوق المصري، قبل أن يقرر أنه آن الأوان للرحيل.

التجربة الإماراتية بالفعل تستحق التقدير، فهي تقدم بيئة استثمارية مرنة، تشريعات واضحة، وحوافز تجذب المستثمرين من كل أنحاء العالم، بما فيهم المصريين أنفسهم، فليس غريبًا أن تكون أبوظبي ودبي اليوم محط أنظار رؤوس الأموال الباحثة عن فرص حقيقية واستقرار اقتصادي وتشريعي، بل إن الأمر لا يقتصر على الإمارات، فهناك تحركات نشطة في السعودية والعراق أيضًا لجذب الاستثمار وتوفير بنية تنظيمية متقدمة.

لكن هل يعني هذا أن الحل هو أن نغادر ونمدح من الخارج؟.. هنا تظهر إشكالية تصريح ساويرس: كيف يمكن لرجل أعمال كون جزءًا كبيرًا من ثروته في مصر، أن يعلن ندمه لأنه لم يخرج منها مبكرًا؟ هل نسي أن هذه الأرض هي من صنعت اسمه واستثماراته الأولى؟

نعم، لا أحد ينكر التحديات التي تواجه بيئة الأعمال في مصر، من تعقيدات إدارية إلى تشريعات تحتاج إلى تحديث، لكن في الوقت نفسه، هناك جهود تبذل لتحسين الوضع، ومحاولات حقيقية لإعادة ترتيب البيت من الداخل.

فالحكومة تتحرك، وتحاول تيسير مناخ الاستثمار، وبدأت بالفعل إصلاحات هيكلية في العديد من القطاعات، لكننا نحتاج إلى المزيد، نحتاج إلى جرأة في التغيير، وشفافية في التقييم، ومحاسبة حقيقية للمعوقات.

أما الرأسماليون الذين يتحدثون عن الاستثمارات كأنها مجرد رحلة مصالح، فيفترض أن تكون تصريحاتهم أكثر توازنًا، خاصة حين يكون لهم تاريخ طويل من الأرباح والدعم في مصر، وهنا، يأتي دورنا في نادي “كارهي الرأسمالية” — لا لأننا نرفض السوق، بل لأننا نرفض أن تختزل الوطنية في أرقام الحسابات البنكية، وأن تقال كلمات الندم وكأن الماضي لم يكن إلا خسارة.

المنطقة تتغير، والخريطة تعاد رسمها، ومصر لها مكانة لا يجب أن تهدر بسبب بعض العقبات، نريد أن تبقى استثماراتنا هنا، وأن يخرج صوت المستثمر المصري مدافعًا عن وطنه، فالرأسمالية لا تعني فقط الجري وراء الربح، بل تعني أيضًا التزامًا أخلاقيًا تجاه المكان الذي منح، ومنح كثيرًا.

وفي الختام، يا سادة، مصر ليست مجرد بيئة أعمال ومصدر للربح، مصر هي من صنعت أسماءكم، وبنت ثرواتكم، وفتحت لكم الأبواب للتربح، فلا تجعلوا أول فرصة للهروب، هي أول فرصة للحديث عن “الندم”.

الكاتب الصحفي محمد عبدالرحمن يكتب سلسلة مقالات على موقع “إنفينيتي الاقتصادية” بعنوان “ما بين الواقع والمأمول”، يتناول خلالها الأحداث العامة والاقتصادية بشكل شامل وتحليلي.

مقالات ذات صلة

الاكثر قراءة