تداخلت السياسة مع التكنولوجيا فى العصر الحديث، وتُصاغ في كثير من الأحيان إرادة الشعوب عبر الشاشات قبل الصناديق، وتدخل مصر مرحلة مفصلية قبيل انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب. ولم تعد الحملات تدار في الميادين، بل على جبهات جديدة اسمها “السوشيال ميديا” والمال السياسى وغيره.
وحول سبل تأثير وسائل التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) على الاستعدادات الانتخابية لمجلس الشيوخ ومجلس النواب في مصر عام 2025 نشير للنقاط التالية :-
1-السياق الزمني والمؤسسي: ستُجرى انتخابات مجلس الشيوخ لتجديد ثلثي أعضاء المجلس في أغسطس 2025، بناءً على التعديلات الدستورية والقانونية الحالية، والثلث الباقى بالتعيين ، وستجرى انتخابات مجلس النواب فى شهر نوفمبر والاعادة فى شهر ديسمبر 2025 .
وتشهد مصر اليوم حراكًا حزبيًا ( أكثر من 100 حزب سياسي ) ملحوظًا استعدادًا لهذه الانتخابات، بعد موافقة رئيس الجمهورية على قانون تقسيم الدوائر وتحديد نظام الانتخاب (القوائم والفردى) .
2- السوشيال ميديا في التشكيل السياسي قبل الانتخابات : أظهرت دراسة أن الفيسبوك هو المصدر السياسي الأول للشباب في الترويج لمجلس الشيوخ، حيث أظهر الشاب المصري موقفًا إيجابيًا تجاه المجلس لكن سلبيًا تجاه بعض مرشحيه، ويرى أهمية تحويل هذا الموقف إلى تفاعل إيجابي عبر صفحات مرشحين قوية، وبناء برامج استقطاب للشباب عبر قنوات التواصل، لا تعتمد فقط على التغطية العامة.
الحشد والدعاية الرقمية : تعتبر السوشيال ميديا أحد البدائل الهامة ، بجانب الدعاية التقليدية التي تتمشى مع الثقافة المصرية ، باستخدام إعلانات ومحتوى فيديو وإعلام إلكتروني مباشر ، واستخدام السوشيال ميديا للتواصل مع الشباب، واستقطاب المصوتين مباشرة للتصويت فى الانتخابات.
ولتصميم استراتيجية للمستقبل يجب بناء منصات رسمية قوية من خلال إنشاء صفحات وتطبيقات مخصصة لكل نائب ومرشح، مع فريق تفاعل مدرب يرد على استفسارات وملاحظات المواطنين مباشرة .
وأيضًا توظيف أدوات تحليل بيانات السوشيال ميديا لفهم المزاج العام للناخبين ، واختبار رسائل الحملة قبل إرسالها رسمياً. ويمكن إنتاج محتوى فيديو مختصر بحيث يتم التركيز على الفيديو القصير (Reels/TikTok)، كونه اللغة الجديدة للشباب، لتوصيل الرسائل الانتخابية بفعالية وسرعة .
أما عن الرد على الشائعات مبكرًا فيتم تجهيز رصد مباشر بوسائل رسمية للرد على الشائعات فور انتشارها، مع إعطاء أولوية للرد خلال 24 ساعة لتقليل الضرر.
ومع كل ماسبق ، نرى ضرورة تنسيق رقابي قانوني للحفاظ على التوازن بين حرية التعبير ومكافحة المحتوى المضاد للاستقرار الوطنى، عبر وسائل قانونية شفافة ومبررة.
وعن ضعف التصويت فى بعض اللجان فلا بد من تنظيم حملات تشجيع للتصويت وتأسيس حملات رقمية وأونلاين بدعم من شخصيات مؤثرة خاصة على الفيسبوك وتويتر لتوضيح أهمية التصويت بنسب متزايدة.
وستكون السوشيال ميديا قبل الانتخابات المرتقبة (أغسطس 2025 للشيوخ ونوفمبر–ديسمبر 2025 للنواب) أحد ميادين التأثير الرئيسي ، ومن يملك أدوات الرصد الجيد والتحليل الذكي والرد السريع، سيُحدث تحولاً ملحوظًا في المشهد الانتخابي.
إن الفرصة متاحة أمام المرشحين والمؤسسات لبناء استراتيجية متكاملة، تتجاوز الوصول إلى الجمهور الى صياغة رأي عام واعٍ ومشارك.
وعلى الجانب الآخر ، فان المال السياسي في مصر ( ويقصد به استخدام المال بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للتأثير على إرادة الناخبين أو توجيه نتائج الانتخابات) لم يعد مجرد رقم يُنفق ، بل أصبح قوة ناعمة تُعيد هندسة الخريطة البرلمانية ، ولكن الشعوب التي تبيع أصواتها تفقد حقها في الاعتراض، والبرلمانات التي تُشترى بالمال لا تملك ضميرًا للمحاسبة. والمعركة الحقيقية اليوم ليست فقط ضد بعض المرشحين ذوى القدرة المالية ، بل ضد ثقافة تقايض الوعي بالورقة النقدية فإما أن ينتصر الضمير أو يبقى المال أحد العوامل المؤثرة فى البرلمان ، ولابد من المواجهة بالقانون وذلك بوضع حد أقصى صارم للإنفاق الانتخابي وتفعيل لجان متابعة ، وفرض عقوبات فورية على من يُضبط بشراء أصوات أو استغلال موارد عامة.
هذا ، ولم يعد الرأي العام صامتًا أو هامشيًا، بل بات حاضرًا بقوة ، وفي لحظة تتشابك فيها خيوط السياسة بالإعلام الرقمي، قد يصبح من لا يملك أدوات التأثير على السوشيال ميديا خارج اللعبة قبل أن تبدأ. فالانتخابات القادمة لن تُحسم فقط في صناديق الاقتراع، بل في المعارك الإلكترونية، وفي وعي جمهور بات أكثر جرأة وأسرع حكمًا وأقوى صوتًا.
ومن يفهم المزاج الشعبي الرقمي وغير الرقمى ويتقن لغته ويوجه رسائله بصدق وذكاء ، هو من سيرسم ملامح السلطة التشريعية القادمة ، أما من يستهين بقوة الرأي العام بشكل عام وعلى السوشيال ميديا بشكل خاص ، فقد يجد نفسه ربما خارج المنافسة.
وقد ركزت فى مقالى على دور الشباب لأنهم قاطرة الحاضر والمستقبل وهم القادرون على التعامل مع أدوات العصر ، وتقدم مصر حاليا يعتمد على الشباب الذين أثق فى قدراتهم الكبيرة فى أن تتبوأ مصر مكانتها اقليميا ودوليا قريبا باذن الله.
الوزير المفوض الدكتور / منجى على بدر
عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والاحصاء والتشريع
إنفينيتي الاقتصادية
ويمكنك متابعة موقع “إنفينيتي الاقتصادية” عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أحدث التحديثات اليومية لأسعار العملات الأجنبية والعملات العربية مقابل الجنيه، بالإضافة إلى أسعار الذهب في مصر.
ويقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: “أخبار اقتصادية، أخبار محلية، أخبار الشركات المصرية، تحليلات السوق المصرية، الأحداث الاقتصادية المهمة في مصر، أخبار اقتصادية من الدول العربية، تحليلات اقتصادية إقليمية، الأحداث الاقتصادية المهمة في العالم العربي”.
كما يقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” الأحداث الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، بالإضافة إلي خدمات توعوية، مقالات تحليلية، دراسات اقتصادية، إنفوجرافيك، فيديوهات، تحليلات أسواق المال، نصائح استثمارية، أدوات مالية”.