الأحد, 26 أكتوبر, 2025
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن

من قصف الدوحة؟.. السيسي قرأ المشهد مبكرًا “المتغطي بالأمريكان عريان”

من قصف الدوحة؟.. السيسي قرأ المشهد مبكرًا "المتغطي بالأمريكان عربان"

ما جرى في الدوحة لم يكن مجرد ضربة عابرة، ولا مغامرة منفلتة، بل مشهد مدروس بعناية يعكس حجم التداخل بين واشنطن وتل أبيب في إدارة أمن الخليج، إسرائيل ضغطت على الزناد لكن السؤال من الذي رسم لها الحدود؟ ومن الذي فتح لها الباب أصلًا؟ المؤكد أن العملية الإسرائلية بقطر لا يمكن أن تحدث دون ضوء أخضر أمريكي، لأن أمن الخليج عند واشنطن ليس شأنًا إقليميًا، بل مسألة تتعلق بمصالحها الاستراتيجية.

ووسط هذا المشهد، تتضح حكمة الإدارة المصرية التي أدركت مبكرًا أن “اللي متغطي بالأمريكان عربان.” فمن يظن أن المظلة الأمريكية كافية للحماية يكتشف عند أول اختبار أنه مكشوف، وأن واشنطن لا تحمي إلا مصالحها، ولهذا بنت القاهرة استراتيجيتها منذ تولى الرئيس السيسي على مبدأ تنويع مصادر القوة، لا الاكتفاء بباب واحد ولا الاعتماد على طرف واحد.

منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، تحركت مصر بخطوات واضحة في هذا الاتجاه، فتحت قنوات تسليح مع روسيا وفرنسا وألمانيا، ووسعت دوائر شراكتها في مجالات الطاقة والبنية التحتية، وضاعفت احتياطيات الذهب كجدار حماية مالي.

واليوم، تتوج المسيرة بالانفتاح على البريكس، حيث جاءت كلمة الرئيس السيسي لتؤكد أن استقلال القرار الوطني لم يعد شعارًا، بل مسارًا كاملًا.

خطاب السيسي في البريكس لم يكن مجرد دعوة تقنية لاستخدام العملات المحلية في التجارة بين دول بريكس، بل كان إعلانًا سياسيًا عن رفض الارتهان للدولار، ورسالة واضحة بأن مصر تبحث عن بدائل اقتصادية تعزز استقلالها، ولمن يتابع المشهد سيلاحظ أنها نفس الفلسفة التي حكمت مواقف القاهرة الأخيرة، من رفض تهجير الفلسطينيين إلى تعليق اتفاق الغاز مع إسرائيل، كلها خطوات تؤكد أن القرار المصري لم يعد يقبل وصاية ولا يملي عليه أحد أجندته.

اقتصاديًا، فتح أبواب البريكس يعني الوصول إلى بنك التنمية الجديد كبديل عن المؤسسات الغربية التقليدية، ويمنح مصر أدوات جديدة للتمويل بعيدًا عن شروط صندوق النقد والبنك الدولي. وسياسيًا، هو تموضع في عالم يتغير بسرعة، حيث لم تعد أمريكا اللاعب الأوحد، بل مجرد طرف وسط قوى متعددة.

الرسالة الأهم هنا أن مصر لا تتحرك برد فعل، بل برؤية بعيدة: من قصف الدوحة إلى كلمة البريكس، يتضح أن القاهرة قرأت المشهد مبكرًا. من اعتمد على واشنطن ظل مكشوفًا، أما من بنى بدائل فامتلك القدرة على المناورة.

التاريخ يعلمنا أن الاستقلال لا يمنح، بل ينتزع، واليوم، مصر تقولها بصراحة استقلال القرار الوطني ليس خيارًا ثانويًا، بل جوهر البقاء ومن أراد أن يتغطى بأمريكا، فليدرك أنه سيظل “عربان”.

وفي الختام نحن جميعًا نحلم بتغيير الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعاني منها على مدار سنوات ولكن التغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها، وقد تظل هناك تحديات تحتاج وقتًا وصبرًا، ولكن المؤكد أن مصر ترسم لنفسها طريق جديد، طريق يضع الاقتصاد في خدمة السياسة، والسياسة في خدمة استقلال القرار الوطني.

مقالات ذات صلة

الاكثر قراءة