تتعدد الكتابات عن تاريخ مصر ومعظمها يعبر عن مواقف مصر في الدفاع عن منطقة الشرق الأوسط منذ 3000 سنة قبل الميلاد وحتى الآن، ويكمن القاسم المشترك لتاريخ مصر في الدفاع عن مصالح مصر والدول المجاورة بقوة وارادة صلبة، كما أنقذت مصر المنطقة والعالم من اعتداءات التتار والمغول والصليبيين وغيرهم دون مقابل، واستمرت الحكاية المصرية حتى الآن، ورفضت مصر أية مساومة أو اغراءات اقليمية أو دولية حول القضية الفلسطينية، وهو سر الحضارة المصرية والمعدن الأصيل للمصرى الذي عاهد قديمًا وحديثًا، ووفى بعهوده بشرط عدم المساس بالتراب الوطنى .
إن مصر ليست مجرد دولة، بل هي قلب الشرق الأوسط والمدافع الأول عنه عبر آلاف السنين منذ عصر الفراعنة إلى العصر الحديث، خاضت مصر معارك مصيرية غيرت مجرى التاريخ، ودافعت عن أراضيها وعن الشعوب المجاورة ضد الغزاة والطامعين.
ونستعرض أهم المحطات التاريخية التي لعبت فيها مصر دور الحامي للمنطقة:-
* العصر الفرعوني (3000 ق.م – 332 ق.م)
– معركة مجدو (حوالي 1469 ق.م) ، وتُعد أول معركة مسجلة في التاريخ، خاضها تحتمس الثالث ضد تحالف الممالك الكنعانية بزعامة ملك قادش واستخدم تحتمس تكتيكات ذكية وحاصر المدينة حتى استسلمت، مما أدى إلى تعزيز سيطرة مصر على بلاد الشام.
– معركة قادش (1274 ق.م) واحدة من أعظم المعارك القديمة، وقعت بين الجيش المصري بقيادة رمسيس الثاني والإمبراطورية الحيثية وقاد رمسيس هجومًا كاسحًا، وتم توقيع أول معاهدة سلام في التاريخ بين مصر والحيثيين.
– حماية حدود مصر ومحاربة شعوب البحر (1200 ق.م) حيث تعرضت مصر في عهد الملك رمسيس الثالث لهجوم شرس من شعوب البحر، وهم قبائل مهاجرة حاولت غزو المنطقة، وبفضل التخطيط الحربي المصري تم سحق الغزاة في معركة بحرية عظيمة عند مصب نهر النيل.
* العصر البطلمي والروماني (332 ق.م – 641 م)
حاولت الملكة كليوباترا الحفاظ على استقلال مصر وسط الصراعات الرومانية رغم تحالفها مع يوليوس قيصر ثم مارك أنطوني حتى انتهى الأمر بسيطرة أوكتافيان على مصر عام 30 ق.م، مما جعلها ولاية رومانية.
* العصر الإسلامي (641 م – 1517 م)
بعد انتصار المسلمين في معركة اليرموك، قاد عمرو بن العاص جيش المسلمين لفتح مصر وطرد الرومان (البيزنطيين)، وبعد حصار دام عدة أشهر استسلمت الإسكندرية ودخل الإسلام مصر، مما جعلها قاعدة رئيسية لنشر الحضارة الإسلامية في إفريقيا.
-معركة حطين (1187 م) رغم أن صلاح الدين الأيوبى وُلد بالعراق، إلا أن قوته العسكرية استندت إلى مصر، حيث كان سلطانها في معركة حطين، وتم هزيمة جيش الصليبيين واستعاد القدس، مما أدى إلى انهاء الوجود الصليبي في المنطقة.
– معركة عين جالوت (1260 م) بعد سقوط بغداد بيد المغول، أصبح الشرق الأوسط مهددًا بالكامل إلا أن السلطان قطز والقائد العسكري بيبرس أوقفوا زحف المغول في معركة عين جالوت بفلسطين، حيث استُخدمت لأول مرة تكتيكات الكرّ والفرّ ضد المغول، مما أدى إلى انتصار ساحق أنقذ العالم الإسلامي.
* العصر العثماني (1517 م – 1798 م)
رغم أن مصر كانت تحت الحكم العثماني، إلا أنها لعبت دورًا محوريًا في الدفاع عن المنطقة ضد الحملات الاستعمارية الأوروبية، وكانت شوكة في حلق القوى الغربية التي حاولت السيطرة على الشرق الأوسط.
* العصر الحديث (1798 م – حتى الآن):
– مقاومة الحملة الفرنسية (1798-1801 م) عندما غزا نابليون بونابرت مصر، واجه مقاومة شديدة من الشعب بقيادة عمر مكرم، ومن المماليك الذين خاضوا معركة الأهرام ضد الفرنسيين. وبعد عدة معارك، اضطر الفرنسيون للانسحاب من مصر بسبب المقاومة الشعبية والدعم العثماني البريطاني.
– معركة رشيد (1807 م) حاولت بريطانيا احتلال مصر عام 1807، لكن سكان مدينة رشيد وقوات الوالي محمد علي باشا تصدوا للغزو البريطاني، مما أدى إلى هزيمة القوات الإنجليزية وإجبارها على الانسحاب.
– حرب 1948 بعد إعلان قيام دولة إسرائيل، دخل الجيش المصري مع الجيوش العربية في حرب 1948 للدفاع عن فلسطين خاض الجنود المصريون معارك بطولية مثل معركة الفالوجة، حيث حوصر الجيش المصري لكنه صمد رغم نقص الإمدادات.
– العدوان الثلاثي (1956 م) بعد تأميم قناة السويس، تعرضت مصر لعدوان ثلاثي من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وقاومت مصر بشراسة، واضطرت القوى المعتدية إلى الانسحاب بضغط دولي، مما جعل الرئيس عبد الناصر رمزًا للاستقلال العربي.
– حرب أكتوبر (1973 م) يعتبر أحد أعظم الانتصارات في التاريخ الحديث، حيث عبر الجيش المصري قناة السويس وحطم خط بارليف، مما أدى إلى استعادة السيطرة على سيناء وكانت الحرب نقطة تحول في الصراع العربي-الإسرائيلي وأثبتت قوة الإرادة المصرية.
– حرب الارهاب: استطاعت مصر هزيمة الارهاب فى العقد الثانى من القرن الحالى وتغلبت على دسائس مخابرات عدد من الدول الكبيرة كما استطاعت تحقيق الأمن القومى بمفهومه الشامل مع تنمية اقتصادية وبنية تحتية تكفي مصر لمدة 50 عام على الأقل ،وتطوير وبناء جيش قوى قادر على الردع.
ومنذ فجر التاريخ، كانت مصر الدرع الحامي للشرق الأوسط، حيث تصدت لكل القوى التي حاولت السيطرة على المنطقة، سواء كانت إمبراطوريات قديمة، جيوش استعمارية، أو قوى حديثة ولا تزال مصر حتى اليوم تلعب دورًا رئيسيًا في استقرار المنطقة ، وتستمر في الدفاع عن قضايا الأمة العربية وافريقيا.