اختتم مؤتمر الاستثمار المصرى الأوربى فعالياته يوم 30 يونيو الماضى بالعاصمة الادارية الجديدة، وقد افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ورئيسة المفوضية الأوروبية المؤتمر يوم 29 يونيو الماضى بمشاركة حكومية واسعة من ممثلي الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي والمؤسسات متعددة الأطراف والقطاع الخاص من الجانبين وممثلى البنك الدولى، تحت عنوان “إطلاق العنان للإمكانات المصرية في عالم سريع التغير.
ويعد مؤتمر الاستثمار خطوة هامة في تنفيذ الشراكة الإستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي التي اتفق عليها الجانبان فى مارس الماضي خلال القمة المصرية الأوروبية لتحصل مصر على 7.4 مليارات يورو (حوالى 8 مليار دولار) تمويل من الاتحاد الأوروبي حتى عام 2027 لدعم التنمية الاقتصادية، وتعزيز الاستقرار في المنطقة ، وترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي إلى مستوى “الشراكة الاستراتيجية والشاملة”، وتحقيق نقلة نوعية في التعاون بين الجانبين.
وشهد المؤتمر توقيع 29 اتفاقية ومذكرة تفاهم بحوالى 49 مليار يورو مع الشركات التابعة للاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى توقيع 6 اتفاقيات ومذكرات تفاهم بقيمة 18.7 مليار يورو مع تحالفات وشركات أخري سواء كانت أوروبية أو مع شركات من جنسيات مختلفة، وهدفها هو التصدير إلى الاتحاد الأوروبي وأن هذه الاتفاقيات تم توقيعها سواء على مستوى القطاع الخاص أو ما بين القطاع الخاص والجهات الرسمية المصرية لاقامة مشروعات الهيدروجين الأخضر، والسيارات الكهربائية، والبنية الأساسية، ومشروعات النقل المستدام، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وأن هذه المشروعات تأتي ضمن مستهدفات الاتحاد الأوروبي لدعم الاقتصاد الأخضر.
ونرى أن الحزمة التمويلية من الاتحاد الأوروبي قد تمثل تمويلاً “جيوسياسي” للتعويض عن تبعات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط والتي أثرت بالسلب على الاقتصاد المصري وعلى رأسها الحرب في غزة وصراع باب المندب الذى أضر بعائدات قناة السويس، إضافة للحرب المشتعلة في السودان التي أدت إلى تدفق المهاجرين إلى مصر. ونعرض لأهم نتائج ورسائل المؤتمر :
– دعم القيادة السياسية المصرية للمستثمرين خاصة في ظل التحديات التي تفرضها التغيرات الجيوسياسية العالمية والإقليمية الراهنة والاستفادة من الفرص الاستثمارية في القطاعات المختلفة بمصر، كما أن تنظيم المؤتمر يبعث برسالة طمأنينة للمستثمرين، بما يشجع على جذب المزيد من الاستثمارات.
– الادراك الأوروبي بأهمية دعم الاقتصاد المصري ، ونقل التجارب والخبرات الأوروبية الناجحة في الاستثمار إلى السوق المصرية ، بعد عقود من علاقات كلاسيكية لاتعكس أهمية مصر الاستراتيجية لأوربا.
– تحديد الأولويات الاقتصادية بما يتلاءم مع التحديات الراهنة التي تواجه مصر خاصة فى قطاعات البنية التحتية المستدامة والطاقة المتجددة، والأمن الغذائي، والصحة والتعليم، والنقل المستدام وشبكات المياه والصرف الصحي والهجرة وشح العملات الأجنبية .
– الاهتمام المصري بالأبعاد الاجتماعية للتعاون الاقتصادي مع الجانب الأوروبي ومناقشة مشروعات تصدير العمالة المدربة لأوربا ، نظرًا للطلب المتزايد على العمالة الفنية المصرية فى أوروبا.
– تعزيز الشراكات بين القطاعين الخاصين فى مصر وأوروبا وإبرام شراكات جديدة بين الشركات المصرية والأوروبية ، وترويج الفرص الاستثمارية المصرية بما يتماشى مع المتغيرات الجديدة في الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي.
ويمكن القول إن “مؤتمر الاستثمار بين مصر والاتحاد الأوروبي 2024” سوف يسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين مصر والاتحاد الأوروبي، وفتح آفاق جديدة للتعاون في العديد من المجالات المهمة لكلا الجانبين، وتراهن القاهرة أن يكون المؤتمر بوابة لتدفق العملات الأجنبية من اتجاهين، الأول تمويلات للحكومة لمشاريع الطاقة النظيفة بالشراكة مع أوروبا، والثاني تمويلات لدعم القطاع الخاص وتمكينه من العمل فى مجال الاقتصاد الأخضر.
هذا ، وتعد مصر ثاني أكبر متلق للاستثمار الأجنبي المباشر من الاتحاد في المنطقة العربية، برصيد استثمار اجمالى قدره 38.8 مليار يورو، تمثل 39 % من الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر.
ويتعامل الاتحاد الأوروبي مع مصر فى الآونة الأخيرة بمرونة وكرم غير معهودين وأنه رغم توقيع اتفاقيات باستثمارات كبرى في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بلغت نحو 43 مليار دولار، لكن تمويلاتها تأتي خلال الأجل الطويل.
أن انعقاد مؤتمر الاستثمار المصرى الأوربى كان بوابة هامة لضمان استمرار تدفق العملات الصعبة لمصر، وجذب تمويلات عاجلة لتعزيز رصيد العملات الأجنبية في مصر كما هدف المؤتمر إلى زيادة الابتكار والريادة الاقتصادية وخلق فرص عمل، وهو هدف يسعى الأوروبيون لتحقيقه وتلبية متطلباتهم الأساسية بالحد من الهجرة إلى أوروبا.
هذا ، وترغب مصر فى عقد الدورة الثانية للمؤتمر فى العام المقبل .
الوزير المفوض الدكتور/ منجى على بدر
خبير العلاقات الدولية وعضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة
القاهرة فى 2 يوليو 2024