السبت, 1 فبراير, 2025
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن يكتب: نعم لترحيل سكان غزة إلى سيناء.. مقابل تسوية ديون مصر

الكاتب الصحفي محمد عبدالرحمن

“الاقتصاد أداة لاستخدام القوة السياسية، وأداة لا يمكن الاستغناء عنها لتحقيق الأهداف الجيوسياسية.” — هنري كيسنجر

تظل تلك المقولة خالدة في السياسة العالمية، وهي تلخص العلاقة الوثيقة بين الاقتصاد والقرار السياسي في مواجهة التحديات الكبرى، ففي الوقت الذي يواجه فيه العالم العديد من الضغوطات السياسية والاقتصادية، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن لدول مثل مصر تعاني من أزمات اقتصادية طاحنة وتذبذب في أسعار الصرف وارتفاع التضخم أن تظل متمسكة بمبادئها الوطنية بعيدًا عن الابتزاز الاقتصادي؟

 

ففي الآونة الأخيرة، جرى الحديث عن تهديدات غير مباشرة التي لوح بها دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بممارسة ضغوط اقتصادية على مصر، وهو ما يعكس بشكل واضح استخدام العقوبات الاقتصادية كوسيلة للضغط على مصر لتغيير مواقفها الثابتة تجاه قضايا المنطقة، لكن التاريخ يثبت أن الضغوطات، مهما بلغت حدتها، لن تزعزع إرادتنا الوطنية، فمصر، التي لا تخضع للمساومات القذرة، قد أثبتت مرارًا وتكرارًا أنها تضع مصالحها الوطنية أولًا وأخيرًا.

وهنا أتت كلمة الرئيس السيسي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الكيني منذ عدة أيام لتؤكد هذا الموقف بكل حسم، الذي وصف ما حدث في غزة بأنه نتيجة لسنوات من الإهمال الدولي وعدم الوصول لحل عادل للقضية الفلسطينية، وكان موقف الأدراة المصرية حاسم  وواضح برفض تهجير أهل غزة إلى سيناء تأكيدًا على مواقف مصر التاريخي والثابتة تجاه حقوق الفلسطينيين، وهو الموقف الذي يعكس شجاعة القيادة وقدرتها على اتخاذ قرارات مستقلة، بعيدًا عن أي ضغوطات خارجية، مهما بلغت حدتها.

فالدولة المصرية على مدار التاريخ لا تنحني أمام الضغوطات، لا من أجل المال ولا من أجل السياسة، الاقتصاد جزء من قوتنا، ولكنه لن يكون أداة لتصفية قضايا الأمة أو التخلي عن مبادئنا، فالاستقلال في القرار الوطني هو ما نتمسك به، وفي سياق هذا، تظل إرادتنا الوطنية صامدة أمام كل محاولات الابتزاز.

وهنا أضم صوتي إلى الخبير الاقتصادي الكبير هاني توفيق، الذي حذر من التأثيرات الاقتصادية السلبية التي قد يترتب عليها تصعيد السياسات الاقتصادية من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تلك السياسات القائمة على نهج العقوبات الاقتصادية والقرارات الانتقامية ضد الدول التي تعارض سياساته الحمقاء، وهو ما قد يؤدي إلى تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، فالوقت قد حان لتشكيل لجنة خاصة من الخبراء والمسؤولين لإدارة المخاطر، ومتابعة التأثيرات السلبية التي قد تترتب عليها توقف برامج المعونة الأمريكية، بالإضافة إلى ذلك، احتمالية توقف التعاون مع صندوق النقد الدولي، وغيرها من الإجراءات المحتملة حدوثها إذ ما قررت الإدارة الأمريكية توقيع عقوبات اقتصادية على مصر.

كما أننا يجب أن نكشر عن أنيابنا، فللدولة المصرية أنياب قادرة على إيلام الولايات المتحدة، بدءًا من أولوية العبور في قناة السويس التي يجب إعادة النظر فيها، كما نمتلك عدة أوراق ضغط اقتصادية يمكن أن تؤثر على المصالح الأمريكية، منها تعزيز الشراكات الاقتصادية مع خصوم واشنطن مثل الصين وروسيا، وإعادة النظر في الاتفاقيات التجارية التي تمنح امتيازات للشركات الأمريكية، فضلًا عن فتح المجال أمام استثمارات دولية منافسة في قطاعات حساسة، كما يمكن لمصر تقليص التعاون العسكري والاستخباراتي، وهو ما قد يؤثر على النفوذ الأمريكي في المنطقة.

وفي ختام حديثي، مصر تثبت قيادةً وشعبًا تمسكها بحقوق الفلسطينيين ودعمها للمقاومة ضد الاحتلال، الإ أنني أجد بعض الأصوات التي تهاجم المقاومة الفلسطينية في وقت نحن بحاجة فيه إلى التوحد خلف حقوق شعبنا الفلسطيني، هؤلاء الذين يهاجمون المقاومة، لا يفهمون أن نضال الفلسطينيين هو نضال مشروع ضد احتلال غاشم، وأن ماتقوم به المقاومة في الحقيقة هو دفاع عن الأمة باكملها.

التاريخ أثبت أن الحرية ليست هدية تمنح، بل حق ينتزع، والشعوب التي تتخاذل عن المقاومة، وتستسلم أمام الاحتلال، تفقد كرامتها قبل أرضها، الرعاع الجدد، الذين يرفعون شعارات الاستسلام تحت مسمى الواقعية، ليسوا سوى خونة لتضحيات الأجداد ودماء الشهداء، فالوطن لا يستعاد بالانهزامية، بل بالصمود والمقاومة، مهما كان الثمن.

اقرأ أيضًا.. محمد عبدالرحمن يكتب: “ما بين الواقع والمأمول”: ماذا يعني فوز ترامب بالانتخابات بالنسبة للاقتصاد؟  وتأثيره على الشرق الأوسط

الكاتب الصحفي محمد عبدالرحمن يكتب سلسلة مقالات على موقع “إنفينيتي الاقتصادية” بعنوان “ما بين الواقع والمأمول”، يتناول خلالها الأحداث العامة والاقتصادية بشكل شامل وتحليلي

مقالات ذات صلة

الاكثر قراءة