شهد الاقتصاد المصري خلال عام 2024 جملة من الأزمات العميقة التي طالت مختلف القطاعات، وأثرت بشكل مباشر على المواطن العادي والشركات والمستثمرين، ومع اقتراب عام 2025، تتزايد التساؤلات حول قدرة الدولة على مواجهة التحديات الاقتصادية المتراكمة والخروج من هذه الأزمات بحلول عملية وفعّالة.
أزمات 2024 ضربات متتالية للاقتصاد المصري
تقلبات سعر الصرف
وشهد سعر الدولار الأمريكي ارتفاعات متتالية مقابل الجنيه المصري، وصلت إلى مستويات قياسية جعلت من الصعب على المستوردين توفير العملة الصعبة اللازمة لاستيراد السلع الأساسية والمواد الخام، هذا التقلب أثر بشكل كبير على الاستقرار الاقتصادي وزاد من أعباء الشركات التي تعتمد على الاستيراد.
ووفقًا لخبراء الاقتصاد، يعود السبب الرئيسي لتقلبات سعر الصرف إلى تراجع موارد الدولة من العملات الأجنبية مثل الصادرات، السياحة، وتحويلات المصريين في الخارج، بجانب زيادة الطلب على الدولار لتغطية الواردات والالتزامات الخارجية.
أزمة نقص العملة الصعبة
وخسر الجنيه أكثر من ثلثين قيمته مقابل الدولار منذ عام 2022، مما أدى إلى تفاقم أزمة نقص العملة الصعبة. وظهرت السوق السوداء كبديل للسوق الرسمي، حيث تُتداول العملة بأسعار تفوق السعر الرسمي بفارق كبير.
ويرى الخبراء أن هذه الأزمة انعكاس لضعف القدرة الإنتاجية المحلية، حيث أن الاعتماد الكبير على الواردات يزيد من الضغط على الاحتياطي النقدي. لذا، يوصي البعض بضرورة التركيز على زيادة الصادرات غير التقليدية، مثل المنتجات التكنولوجية والزراعية ذات القيمة المضافة.
ارتفاع معدلات التضخم
وأدى انخفاض قيمة الجنيه وزيادة تكلفة الواردات إلى ارتفاع غير مسبوق في معدلات التضخم، التي تجاوزت 40% في بعض الفترات. أثر هذا التضخم بشكل مباشر على القوة الشرائية للمواطنين، مما قلل من قدرتهم على شراء السلع الأساسية وأدى إلى انخفاض الطلب على المنتجات والخدمات.
ويشير الخبراء إلى أن التضخم ليس مجرد رقم، بل هو أزمة تمس الحياة اليومية للأفراد وتؤدي إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة نتيجة تقلص النشاط الاقتصادي.
تزايد الدين العام
واضطرت الحكومة إلى اللجوء للاقتراض لسد عجز الموازنة، مما أدى إلى ارتفاع الدين العام وتزايد الأعباء المالية للدولة. ومع ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا، أصبحت تكلفة الاقتراض أعلى، مما يضيف مزيدًا من الضغوط على الاقتصاد.
يشير الخبراء إلى أن ارتفاع الدين العام يُقيد قدرة الدولة على الإنفاق في القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، وهو ما يتطلب إعادة النظر في أولويات الإنفاق الحكومي وتحقيق التوازن بين سداد الديون وتحفيز النمو الاقتصادي.
تراجع عائدات قناة السويس
وسجلت عائدات قناة السويس انخفاضًا كبيرًا خلال عام 2024، حيث بلغت الخسائر حوالي 7 مليارات دولار نتيجة التوترات السياسية والأمنية في منطقة البحر الأحمر.
على الرغم من أن القناة تُعتبر مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة، إلا أن الخبراء يرون أن الاعتماد عليها وحدها ليس كافيًا، ويجب تنويع مصادر الدخل القومي، مع تطوير البنية التحتية للقناة لجذب المزيد من السفن العملاقة وتعزيز تنافسيتها عالميًا.
اقرأ أيضًا.. أفضل 3 قطاعات تستثمر فيهم فلوسك في 2025.. خبراء يجيبون لـ«انفينيتى»
تحديات الاستثمار في 2025: قلق المستثمرين مستمر
أداء الجهاز الحكومي
ويشير المستثمرون إلى أن الأداء البيروقراطي للجهاز الإداري يمثل عائقًا كبيرًا أمام الاستثمار، حيث يفتقر إلى الكفاءات التي تواكب التطورات التكنولوجية.
واقترح الخبراء إصلاح الجهاز الإداري من خلال تعيين جيل جديد من الشباب المؤهلين رقميًا، بجانب تسريع إجراءات استخراج التراخيص وتقليل الروتين الذي يعيق حركة الاستثمار.
ارتفاع الفائدة
ويشتكي رجال الأعمال من أن معدلات الفائدة المرتفعة تُضعف من تنافسية الاستثمار، حيث تزيد من تكلفة الاقتراض وتآكل الأرباح.
ويشير الخبراء إلى ضرورة تحقيق توازن بين مكافحة التضخم وتحفيز الاستثمار من خلال خفض تدريجي للفائدة، بجانب تقديم برامج تمويلية مدعومة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
بطء نمو الاقتصاد
وسجل الاقتصاد المصري معدل نمو بلغ 3.5% فقط خلال العام الماضي، وهو معدل غير كافٍ لدولة بحجم مصر، حيث يتطلب الاقتصاد معدلات نمو تتجاوز 7% لتحقيق تحسين ملموس في مستوى المعيشة.
ويرى الخبراء أن تحفيز النمو يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية، مع تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وفتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
تذبذب سعر الصرف والتضخم
ويشكل عدم استقرار سعر الصرف وارتفاع التضخم معوقات كبيرة أمام التخطيط المالي للمستثمرين، حيث يصعب عليهم تحديد تكاليف الإنتاج وتوقع الأرباح.
من الحلول المقترحة، تحسين إدارة سوق الصرف الأجنبي من خلال ضخ مزيد من السيولة الدولارية وتطبيق سياسات نقدية أكثر كفاءة لاستقرار العملة.
آراء الخبراء وحلول مقترحة
ويرى الخبراء أن تجاوز هذه الأزمات يتطلب مجموعة من السياسات والإصلاحات الجذرية، من بينها، تعزيز الإنتاج المحلي والحد من الاعتماد على الواردات من خلال دعم القطاعات الإنتاجية وتقديم حوافز للصناعات المحلية، بالإضافة إلى تنويع مصادر الدخل والاعتماد على قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة لتوليد إيرادات إضافية.
وأكدوا على ضرورة تحقيق إصلاحات هيكلية وتحسين الأداء الحكومي وتطوير البنية التحتية لجذب الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلي التوسع في برامج الحماية الاجتماعية ودعم الفئات الأكثر تضررًا من التضخم لضمان الاستقرار الاجتماعي.
وعلى الرغم من التحديات، يرى البعض أن الاقتصاد المصري يمتلك مقومات قوية مثل الموقع الجغرافي، قوة العمل الشابة، والموارد الطبيعية. ومع اتخاذ خطوات جادة لتحسين بيئة الأعمال وتطوير السياسات الاقتصادية، يمكن تحقيق انطلاقة جديدة نحو النمو والاستقرار في السنوات القادمة.
إنفينيتي الاقتصادية
ويمكنك متابعة موقع “إنفينيتي الاقتصادية” عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أحدث التحديثات اليومية لأسعار العملات الأجنبية والعملات العربية مقابل الجنيه، بالإضافة إلى أسعار الذهب في مصر.
ويقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: “أخبار اقتصادية، أخبار محلية، أخبار الشركات المصرية، تحليلات السوق المصرية، الأحداث الاقتصادية المهمة في مصر، أخبار اقتصادية من الدول العربية، تحليلات اقتصادية إقليمية، الأحداث الاقتصادية المهمة في العالم العربي”.
كما يقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” الأحداث الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، بالإضافة إلي خدمات توعوية، مقالات تحليلية، دراسات اقتصادية، إنفوجرافيك، فيديوهات، تحليلات أسواق المال، نصائح استثمارية، أدوات مالية”.