قال محمد راشد عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية أن ملف تصدير العقار المصري للخارج يحظى باهتمام كبير من جانب الحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي في إطار سعيها نحو تنويع مصادر الإيرادات الدولاريه للاقتصاد الوطني في ظل العديد من التحديات الاقتصاديه التي يواجهها العالم الان.
وأضاف في تصريحات لـ”إنفينيتي الاقتصادية”، أن فكرة تصدير العقار بشكل عام تعتمد في جوهرها علي جذب رؤوس الأموال الأجنبية للأصول العقارية بالعملة الأجنبية، سواء من قبل المشتريين الأجانب أو المصريين بالخارج، بما ينعكس على الأوضاع الاقتصادية بشكل عام والسوق العقارية بشكل خاص، ويعزز من حجم الإيرادات الدولاريه الداخله للاقتصاد المصري.
وأوضح أن فكرة تصدير العقار ليست جديدة أو مستحدثة ، بل تم طرحها في مصر منذ 15 عامًا، ويتم تنفيذها في عدد من الدول مثل: الإمارات، اليونان، إسبانيا، البرتغال، كولومبيا، ومالطا، وغيرها من الدول، لكنه ربما مع زيادة حدة الضغوط والتحديات الاقتصادية التي شهدتها مصر خلال الفترة الماضية كان من الضروري بحث كافة الفرص التي تمكّن من تعزيز الاستفادة القصوى من موارد الدولة، ولذلك بدأ الحديث من جديد عن إعادة إحياء فكرة تصدير العقار، خاصة في ظل جاذبية العقارات المصرية داخليًا وخارجيًا، إذ تتسم العقارات بأنها أكثر الأصول استقرارًا، وفي الحقيقه في ضوء الطفره العمرانيه التي شهدتها مصر خلال الـ 9 أعوام الماضيه ، والتي بسببها استطاع قطاع العقارات المصرية أن يكون ضمن أبرز القطاعات التي حققت مكاسب في ظل الأزمات، بل دفع رواج سوق العقارات بالشركات العقارية لتعظيم مكاسبها من خلال توسعة السوق والاستفادة من الفرص بالسوق العالمية الأكبر، فعلي سبيل المثال كان مشروع إسكان “بيت الوطن” ، والذي طرحته الدوله المصريه في عده مناطق بالقاهره أول المشروعات التي نفذت فكرة تصدير العقار من خلال استهداف المصريين المغتربين بالخارج والراغبين في الحصول على عقار في مصر والدفع بالعملة الأجنبية، وبالفعل لاقي المشروع إقبالا كبيرا للغايه ، وهو ما جعل ملف تصدير العقار يستحوذ على اهتمام الدولة خلال المرحلة الحالية، وتم تيسير إجراءات تملك الأجانب للعقارات المصرية، كما تم طرح عددٍ من المحفزات لتعزيز نجاح تصدير العقار، منها فرص الحصول على الجنسية والإقامة عند تملك عقار في مصر ، فأمّا بالنسبة لمنح الجنسية، فقد تقرر منح الجنسية المصرية لمن يشتري عقارًا بمبلغ لا يقل عن 300 ألف دولار، أو يجمّد وديعة بنكية بقيمة 500 ألف دولار لمدة 3 سنوات دون فوائد، على أن تسترد بعد انتهاء المدة بالعملة المصرية، وذلك وفقًا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 876 لسنة 2023 والمعدل للقرار رقم 3099 لسنة 2019، والذي كان يحدد شرط منح الجنسية بشراء عقار بمبلغ أكبر يساوي 500 ألف دولار.
وعلى صعيد منح الإقامة، فقد تقرر منح الإقامة للأجانب لمدة خمس سنين قابلة للتجديد لمن يتملك عقارًا أو أكثر بمبلغ لا يقل عن 200 ألف دولار أمريكي، والإقامة لمدة ثلاث سنين قابلة للتجديد لمن يتملك عقارًا أو أكثر بجمهورية مصر العربيـة بمبلغ لا يقل عن 100 ألف دولار أمريكي، والإقامة لمدة سنة قابلة للتجديد لمن يتملك عقارًا أو أكثـر بجمهوريـة مـصر العربيـة بمبلغ لا يقل عن 50 ألف دولار أمريكي. وذلك بجانب الموافقة على منح الإقامة للأجانب لمدة ثلاث سنين بموجب وديعة بنكية بقيمة 100 ألف دولار أمريكي أو ما يعادلـه بالعملات الأجنبية الأخرى، ولمدة سنة بموجب وديعة بنكية بقيمة 50 ألف دولار أمريكي أو مـا يعادلـه بالعملات الأجنبية الأخرى، وجاءت تلك القرارات أيضًا تعديلًا لقرارات أخرى صادرة منذ عام 2017 بعد إضافة تيسيرات عليها وتخفيض قيمة العقار المطلوب شراؤه للحصول على الإقامة، كما تضمنت أيضًا إتاحة بيع العقارات بدون حد أقصى للأجانب بدلًا من عقارين فقط، تماشيًا مع قرارات المجلس الأعلى للاستثمار.
وكشف محمد راشد عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، أن الدولة المصرية لم تكتفي بما سبق فقط لتنشيط ملف تصدير العقار ، بل بدأت الدوله المصريه تدرس عددًا من المقترحات التي من شأنها تنشيط سوق العقارات بصفة عامة، من بينها إنشاء صندوق عقاري لتملك أصول إدارية وتجارية مُدرّة للدخل، ومقترحًا آخر لتداول العقارات في البورصة المصرية، وكذلك فكرة إنشاء البورصة العقارية، والتي ستمثل منصة تُمكِّن المستثمرين والشركات العقارية من شراء وبيع حصص في الأصول العقارية، والاستثمار فيها، وتكون مكملة للأسواق العقارية التقليدية، وتوفر فرصًا للتداول اللحظي، وتتيح فرصة أكبر لتوفير السيولة التي تُعد أحد معوقات الأصول العقارية.
وبجانب جهود ومبادرات الدولة في دعم نشاط تصدير العقار المصري للخارج ، فقد ساعد قرار تحرير سعر الصرف على تشجيع فكرة تصدير العقار في مصر؛ فمع تراجع قيمة الجنيه المصري أصبحت الأصول العقارية أكثر تنافسية للمستثمر الأجنبي والمصريين العاملين بالخارج، وأكثر ربحيه علي الصعيد الاستثماري، ليس ذلك فقط بل إن رواج بعض القطاعات يدعم فكرة تصدير العقار، فيعتبر نشاط قطاع السياحة أحد عوامل جذب وتحفيز تصدير العقار، وكذلك بالنسبة لقطاع التعليم، فمع وفود الطلاب الأجانب للدراسة في مصر تسعى أسرهم لتملك عقار طوال مدة الدراسة، ومن ثم تنعكس جهود الدولة المعنية بتلك القطاعات على تنشيط عملية تصدير العقارات.
وكشف أن تعدد وتنوع المنتج العقاري في مصر ، يتيح فرصاً هائله نحو تحفيز تصدير العقار المصري ، حيث تتعدد وتتنوع الثروة العقارية في مصر، فتضم التجمعات السكنية والسياحية والترفيهية والإدارية والتجارية وغيرها، كما تتنوع المناطق الجغرافية مع اتساع حدود الدولة والنهضة العمرانية التي شهدتها مصر طيلة السنوات القليلة الماضية، فتتوفر العقارات بمنطقة البحر المتوسط والساحل الشمالي وكذلك على ساحل البحر الأحمر، بالإضافة للمدن الجديدة ومدن الجيل الرابع ذات ناطحات السحاب مثل مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة ومدينة الجلالة وغيرها من المدن الجديدة بالمحافظات المختلفة، وتتنوع العقارات أيضًا من حيث الجهات المنفذة للمشروعات المختلفة، سواء جهات تابعة للقطاع الخاص أو جهات حكومية، لذلك فمن المؤكد تساعد تلك الثروة العقارية وتنوعها على تعزيز التوجه نحو تصدير العقار، وتوفير مختلف المتطلبات التي تتناسب مع رغبات المشترين المحتملين على اختلافها.
وبالنسبه لانعكاسات إنجاح فكره تصدير العقار المصري للخارج سيكون لها إنعكاسات إيجابية علي القطاع العقاري نفسه ، وكذلك علي الاقتصاد المصري ، فأما بالنسبة لقطاع العقارات، فسوف يسهم تصدير العقار في تحسين ربحية الشركات العقارية بعد توسعة السوق بضم المشترين المحتملين من مختلف دول العالم، بالإضافة لجذب العاملين المصريين بالخارج، بما يزيد من حجم المبيعات ومن ثم الأرباح، ويسمح بدخول شركات جديدة للسوق المصري ويزيد من التنافسية، ويعزز من فرص تحسين نوعيه المنتج العقاري وتطوير قطاع العقارات بصفة عامة.
وعلى مستوى الاقتصاد، يعزز تصدير العقار فرص توفير النقد الأجنبي للدولة، خاصة بعد تطوير الدولة للبنية التحتية في كافة أنحاء الجمهورية، وإنشاء شبكة الطرق والكباري لتسهيل التنقل بين أطراف الدولة، ثم تم التوجه نحو إفساح المجال للقطاع الخاص بما يمكن شركات القطاع الخاص العقارية من توفير المنتجات العقارية المتوافقة مع احتياجات المستثمرين الأجانب والعاملين المصريين بالخارج. ومع زيادة حجم الطلب على العقارات يدفع ذلك بدخول شركات عقارية جديدة للسوق المصرية، بما يزيد من حجم الاستثمار الخاص المباشر، ويرفع معدلات النمو الاقتصادي، ويوفر فرصًا أكبر للعمالة.
وفي سياق ما تم ذكره من مكاسب وفرص قد تتحقق من جراء نجاح تصدير العقار، إلا أنه من الناحية العملية هناك عدد من التحديات التي تواجه تلك الآلية، وتؤثر على فاعليتها في تحقيق أهدافها، ومن أهم تلك التحديات تغيرات أسعار صرف أسعار العملة المحلية واتساع الفجوة بين السعر الرسمي والسعر بالسوق الموازية في أوقات سابقه ، وهو مايستلزم ضرورة ان تحاول الحكومة المصرية دائما علي تحقيق استقرار سعر صرف العملة المحلية والقضاء تماما علي السوق السوداء ، هذا بالإضافة الي أن ميزة الحصول على الإقامة أو الجنسية لم تعد محفز قوي من محفزات شراء العقار بالعملة الأجنبية بالنسبة للمواطنين المصريين العاملين بالخارج، الأمر الذي يتطلب وجود محفزات حقيقية للتخلي عن العملة الصعبة مقابل شراء العقار المصري ، هذا بالاضافه إلي ان أزمة تسجيل الأجانب للعقارات تعتبر أحد تحديات فكرة تصدير العقار، الأمر الذي يتطلب ضرورة اتخاذ إجراءات تيسير التسجيل العقاري وتفعيل منظومة الرقم القومي لكافة العقارات، اضف إلي التحديات السابقه أن الشركات العقارية باتت تواجه تحديات الارتفاع والتقلب الشديد في أسعار مواد البناء، فضلًا عن تحديات استيراد المواد الخام وتراجع قيمة العملة المحلية، مما ترتب عليه تعطل تنفيذ بعض المشروعات وعدم القدرة على حساب التكاليف ومن ثم صعوبة تسعير الوحدات.
وعلى مستوى المنافسة الدولية، قال محمد راشد عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية يلاحظ اتساع حجم سوق تصدير العقار عالميًا والذي يقدر بنحو 300 مليار دولار سنويًا، إلا أن نصيب مصر من ذلك السوق يعد ضئيلًا جدًا، الأمر الذي يتطلب إعداد خطة ترويجية جيدة لتسويق المنتج العقاري المصري، وخلق طلب جديد من خلال الوجود على المنصات العقارية العالمية، وتدشين حملات ترويجية للعقار المصري، وتسهيل الحكومة المصرية إجراءات تملك المستثمرين العرب والأجانب للعقارات المصرية، مع ضرورة وضوح إجراءات وشروط منح الجنسية والإقامة وتحديد آليات إعادة البيع عند الحاجة، ومراعاة الأبعاد الأمنية المرتبطة بتصدير العقار، ودراسة فكرة الإيجار نظير الإقامة لمدة محددة، ودعم الصناعات الوطنية المكملة لقطاع التشييد والبناء، مع أهمية قيام المطورين العقاريين بتوظيف أحدث التقنيات الحديثة لإنشاء منازل ذكية صديقة للبيئة بما يتوافق مع حاجة المشتري المحتمل. ولعل من أبرز متطلبات السوق العقارية توفير آليات نافذة لضبط السوق العقارية، وإنهاء النزاعات بين المشتري والمطور لزيادة الثقة بالسوق المصرية، وجذب مزيد من المشترين. ويأتي ضمن المخاطر المحتملة لتصدير العقار، التأثير المحتمل على حركة الأسعار، لا سيما في ظل إقبال المواطنين بالدولة على شراء العقار كمخزن للقيمة مع تراجع قيمة العملة في ظل الأزمات الاقتصادية، وعند النجاح في جذب المزيد من الطلب على سوق العقار يتوقع المزيد من ارتفاع الأسعار والمضاربة في سوق العقارات، بما يؤثر على قدرة المواطن المصري على إشباع الحاجة إلى المسكن بأسعار مناسبة وبالعملة المحلية.
ويقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: “أخبار اقتصادية، أخبار محلية، أخبار الشركات المصرية، تحليلات السوق المصرية، الأحداث الاقتصادية المهمة في مصر، أخبار اقتصادية من الدول العربية، تحليلات اقتصادية إقليمية، الأحداث الاقتصادية المهمة في العالم العربي”.
كما يقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” الأحداث الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، بالإضافة إلي خدمات توعوية، مقالات تحليلية، دراسات اقتصادية، إنفوجرافيك، فيديوهات، تحليلات أسواق المال، نصائح استثمارية، أدوات مالية”.