بينما العالم العربي يموج بالأحداث والتحولات، وفي سيناريو كان متوقعًا يعيد تشكيل خريطة المنطقة، وبعد سقوط النظام السوري واعتلاء تنظيم إرهابي مقاليد السلطة هناك، يجب أن ندرك جميعًا أن ما حدث ليست مجرد أزمة داخل حدود سوريا، بل ستكون لها ارتدادات عميقة على الأمن الإقليمي، والاقتصاد، مع تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على مصر
وحتي لا أطيل وبعد رؤية سقوط نظام الأسد واعتلاء تنظيم هيئة تحرير الشام الإرهابي للسلطة في سوريا تذكرت كلمات هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، التي كانت حاضرة وبقوة عندما قال: “سنصنع لهم إسلامًا يناسبنا“، تلك العبارة، التي تحمل في طياتها أبعادًا استراتيجية، تعكس جانبًا من الرؤية الغربية لإعادة تشكيل المنطقة بما يخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي وبما يخدم اطماعه التوسوعية.
ولطالما كانت فكرة الشرق الأوسط الجديد حديثًا متداولًا في الأروقة السياسية، حيث تهدف القوى العالمية إلى إعادة رسم خريطة المنطقة لتفتيت الدول القومية إلى كيانات صغيرة متناحرة، يسهل التحكم فيها. التقسيم لا يقتصر فقط على الجغرافيا، بل يمتد إلى الهوية والثقافة، حيث يُعاد تشكيل الفكر الديني بما يناسب القوى المسيطرة.
وهنا يجب أن نطرح سؤال: هل تصبح مصر الهدف التالي؟، مصر، التي تعاني من ضغوط اقتصادية خانقة، ليست بمنأى عن تأثيرات ما حدث في سوريا، ففي ظل اقتصاد متأزم، يمكن أن تشكل أي هزات إقليمية جديدة ضغطًا إضافيًا على الدولة، سواء عبر تهديدات أمنية مباشرة أو عبر انهيار أسواق المنطقة وتراجع الاستثمارات.
فالوضع الاقتصادي في مصر يواجه تحديات كبيرة، مع ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه وارتفاع الأسعار وضعف القوة الشرائية للمواطنين، فقد يستغل الوضع الداخلي كذريعة لإثارة الفتن وإضعاف التماسك الاجتماعي، وهو ما يجعل البلاد هدفًا لمؤامرات تستهدف زعزعة استقرارها.
والآن أصبح من الضروري أن ندرك أهمية الوحدة والعمل المشترك، الأزمات الحالية لا تقبل التأجيل أو التهاون، بل تتطلب مواجهتها بروح من التضامن والإرادة الصلبة، التكاتف ليس خيارًا، بل أصبح واجب وطني لضمان استقرارنا وحماية مكتسباتنا من أي تهديدات، وهنا يجب أن نطالب ونؤكد على أننا بحاجة إلى التحرك بوتيرة سريعة لتأمين المصالح الاقتصادية والسياسية من أي تهديد محتمل.
وفي ظل الظروف الدقيقة، يجب أن تعتمد الدولة بؤسساتها وبقيادتها السياسية الوطنية نهج المصارحة مع الشعب، المصارحة ليست فقط وسيلة لطمأنة المواطنين، بل هي أداة أساسية لبناء الثقة وتعزيز الوحدة الوطنية، الشفافية حول التحديات الاقتصادية والتهديدات الأمنية ستخلق حالة من التكاتف المجتمعي، ونحن في احوج الأوقات لنلتف جميعًا نحو هدف واحد ونعلى مصلحة وطننا لمواجهة هذه التحديات العظيمة.
وفي الختام، فترات الأزمات تتطلب شجاعة في القرار ووضوحًا في الرؤية، الشعب المصري طالما أثبت أنه قادر على تحمل الصعاب إذا شعر أن هناك خطة واضحة ومصداقية في التعامل مع الأزمات، المصارحة ياسادة هي السبيل الوحيد لتعزز الثقة، والثقة تبني جبهة داخلية قوية تواجه أي مؤامرات أو تهديدات خارجية، ولكن مصر بتاريخها وبشعبها قادرة على تجاوزها، وحدة الصف وتكاتف الجميع خلف مصلحة الوطن هما السبيل لضمان استقرار مصر في وجه كل المؤامرات التي تحاك ضدها.
وستبقى الحقيقة الوحيدة هي أن مصر لن تسقط طالما وقف شعبها يدًا واحدة أمام كل ما يهدد أمنها واستقرارها.
الكاتب الصحفي محمد عبدالرحمن يكتب سلسلة مقالات على موقع “إنفينيتي الاقتصادية” بعنوان “ما بين الواقع والمأمول”، يتناول خلالها الأحداث العامة والاقتصادية بشكل شامل وتحليلي.