فى أبريل 2025، أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلاً واسعًا بعد مطالبته بأن تمر السفن الأمريكية، سواء العسكرية أو التجارية عبر قناة السويس مجانًا، دون دفع رسوم عبور. وقد برر ترامب هذا الطلب بأن الولايات المتحدة ساهمت تاريخيًا في حماية وتأمين الممرات المائية العالمية، مشيرًا إلى أن هذه القنوات “لن تكون موجودة لولا أمريكا” .
وقد طرح الرئيس ترامب هذا الطلب على الرئيس عبد الفتاح السيسي مقترحًا أن يكون ذلك بمثابة “مساهمة” من مصر في جهود الولايات المتحدة العسكرية ضد الحوثيين في البحر الأحمر، والتي تهدف إلى تأمين الملاحة البحرية، وأشار ترامب أن الولايات المتحدة تتحمل تكاليف كبيرة في عملياتها العسكرية لحماية الممرات البحرية، بينما تستفيد دول مثل مصر من رسوم عبور السفن دون تقديم مقابل .
وقد تمثلت ردود الفعل المصرية فى :-
-الرفض الرسمي والشعبي حيث قوبلت تصريحات ترامب برفض واسع في مصر، واعتبرها مسئولون وخبراء فى القانون الدولي انتهاكًا صارخًا للسيادة المصرية ولقوانين الملاحة الدولية، خاصة اتفاقية القسطنطينية لعام 1888 التي تنظم المرور في القناة .
-ردود الإعلام والمجتمع: سادت موجة من السخرية والاستنكار في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث أكد العديد من المصريين على أن القناة تم حفرها بدماء المصريين وأنها رمز للسيادة الوطنية .
-التمسك بالسيادة: من المتوقع أن ترفض مصر رسميًا أي مطالب أمريكية بمرور مجاني للسفن، مؤكدة على سيادتها الكاملة على القناة وحقها في فرض رسوم العبور وفقًا للقوانين الدولية.
-تحركات دبلوماسية: قد تسعى مصر إلى حشد دعم دولي ضد هذه المطالب، خاصة من الدول التي تعتمد على القناة في تجارتها، للتأكيد على أهمية احترام السيادة الوطنية.
-الاستفادة من الدعم الدولي : في ظل التوترات الإقليمية، قد تستفيد مصر من دعم دولي متزايد لموقفها، خاصة من الدول الأوروبية والآسيوية التي تعتمد بشكل كبير على قناة السويس في تجارتها.
مقارنة مع أزمة 1956 : قد تشبه هذه الأزمة إلى حد ما أزمة العدوان الثلاثي عام 1956 باختلاف الأدوات ، عندما حاولت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل السيطرة على القناة بعد تأميمها من قبل الرئيس جمال عبد الناصر، وتواجه مصر الآن محاولة من قوة كبرى ترغب فى فرض إرادتها على القناة، مما يعيد إلى الأذهان أهمية التمسك بالسيادة الوطنية والتصدي لأي محاولات للتدخل الخارجي.
وعليه ، فان العلاقة بين عامي 1956 و2025 ليست سببية أو مباشرة، بل تشابه في نمط الصراع من تدخل قوة عظمى (أو تحالف قوى) في شئون قناة السويس ومحاولة فرض إرادتها على مصر، وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن مصر ستواجه تحديًا دبلوماسيًا جديدًا يتطلب تضافر الجهود الرسمية والشعبية للحفاظ على حقوقها السيادية في قناة السويس.
ونعرض لموقف القانون الدولي وخاصة اتفاقية القسطنطينية لعام 1888 التي تنص على أن قناة السويس ممر دولي حر لجميع الدول ، ولمصر الحق فى فرض رسوم مرور، وتضمن فقط عدم التمييز في المعاملة.
موقف السيادة المصرية :
منذ تأميم القناة عام 1956، أصبحت تحت إدارة مصرية خالصة، وهيئة قناة السويس تضع الرسوم بحسب نوع السفن والحمولات وتُطبّق على جميع الدول، وبالتالى لا يحق لأي دولة – بما فيها الولايات المتحدة – المطالبة بمرور مجاني دون اتفاق خاص، وهو ما لم يحدث.
هل التاريخ يعيد نفسه؟
فى الوقت الراهن لا ، لأن الولايات المتحدة لا تستخدم القوة العسكرية المباشرة ضد حلفائها (مصر شريك استراتيجي رغم التوترات) ، والنظام الدولي اليوم يعتمد على التأثير الاقتصادي أكثر من الاحتلال العسكري ، كما أن مصر لديها أوراق ضغط مثل التعاون الأمني في مكافحة الإرهاب، والعلاقات مع روسيا والصين.
وفى الختام فان تصريحات ترامب ستكون “زوبعة فى فنجان” ما لم يترافق مع إجراءات عملية وهو أمر غير مرجح بسبب المصالح المشتركة بين البلدين، لاسيما أن تصريحات الرئيس الامريكى فى هذا الشأن غير قانونية وغير مقبولة دوليا وشعبيا ورسميا فى مصر، ونقول للشعب الأمريكى بيننا علاقات استراتيجية نحافظ عليها سويا ولكن توجد اختلافات كبيرة بيننا، حيث مصر دولة حضارة وتاريخ ولديها من الأدوات ماتحمى بها سيادتها والولايات المتحدة فقدت ريادتها الاقتصادية والتكنولوجية ، وننصحكم بلاش اللعب مع مصر فالدروس من عام 1956 مع فرنسا وبريطانيا مازالت حاضرة فى الأذهان .
الوزير المفوض الدكتور/ منجى على بدر
عضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة
إنفينيتي الاقتصادية
ويمكنك متابعة موقع “إنفينيتي الاقتصادية” عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أحدث التحديثات اليومية لأسعار العملات الأجنبية والعملات العربية مقابل الجنيه، بالإضافة إلى أسعار الذهب في مصر.
ويقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: “أخبار اقتصادية، أخبار محلية، أخبار الشركات المصرية، تحليلات السوق المصرية، الأحداث الاقتصادية المهمة في مصر، أخبار اقتصادية من الدول العربية، تحليلات اقتصادية إقليمية، الأحداث الاقتصادية المهمة في العالم العربي”.
كما يقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” الأحداث الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، بالإضافة إلي خدمات توعوية، مقالات تحليلية، دراسات اقتصادية، إنفوجرافيك، فيديوهات، تحليلات أسواق المال، نصائح استثمارية، أدوات مالية”.