للمرة الرابعة هذا العام، يعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن تثبيت أسعار الفائدة، مبقيًا على النطاق المستهدف بين 4.25% و4.50%، قرار يأتي في خضم توترات سياسية غير مسبوقة، حيث يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجومه اللاذع على رئيس الفيدرالي جيروم باول، متهمًا إياه بـ”عدم الكفاءة” وتكبيد الاقتصاد الأمريكي خسائر فادحة.
تلك المواجهة ليست مجرد صراع شخصيات، بل هي معركة حول فلسفة إدارة الاقتصاد، وتداعياتها قد تتجاوز حدود الولايات المتحدة لتطال الأسواق العالمية والاقتصادات الناشئة، بما فيها مصر.
أسباب تثبيت أسعار الفائدة
ويعكس قرار الفيدرالي الأخير نهجًا حذرًا تجاه آفاق الاقتصاد الأمريكي. فبينما يصر ترامب على ضرورة خفض الفائدة لتحفيز النمو، يرى باول وأعضاء مجلسه أن استقرار الأسعار والتضخم هما الأولوية.
الأرقام الرسمية الأخيرة تشير إلى ارتفاع طفيف في أسعار المستهلكين خلال مايو، حيث بلغ معدل التضخم السنوي 2.4%، وهو أقل من التوقعات، مما يدل على أن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب لم تظهر بعد تأثيرها الكامل على التضخم بشكل كبير، هذا التثبيت المتتالي لأسعار الفائدة يؤكد أن الفيدرالي يرى أن الاقتصاد الأمريكي ليس بحاجة إلى تحفيز فوري عبر خفض الفائدة، أو أنه يخشى من إعادة إشعال شرارة التضخم إذا ما سارع في التخفيضات.
توقعات المشهد الاقتصادي
ومن المتوقع أن تستمر هذه المعركة الكلامية بين ترامب وباول، خاصة مع اقتراب أي مواعيد انتخابية محتملة أو مع استمرار الضغوط الاقتصادية. قد يؤدي استمرار تثبيت الفائدة إلى:
1- زيادة الضغط على باول
من المرجح أن يصعد ترامب من هجماته، وقد نشهد محاولات متزايدة للضغط على الفيدرالي لتغيير سياسته، وإن كان استقلالية البنك المركزي تعتبر حجر الزاوية في الاقتصاد الأمريكي.
2- استمرارية التباطؤ العالمي
إذا استمر الفيدرالي في نهجه الحذر، فقد يؤدي ذلك إلى استمرار تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، لا سيما مع استمرار التوترات التجارية.
3- تقلبات الأسواق
قد تشهد أسواق الأسهم والسندات تقلبات متزايدة مع كل تصريح من ترامب أو قرار من الفيدرالي، مما يزيد من حالة عدم اليقين لدى المستثمرين.
آثار القرار على العالم ومصر
تداعيات قرار الفيدرالي الأمريكي تتجاوز الحدود الأمريكية لتؤثر على الاقتصاد العالمي بأكمله، ومصر ليست استثناءً، فالفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة يجعل الدولار أكثر جاذبية للاستثمار، مما قد يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة. هذا يعني صعوبة أكبر على هذه الدول في الاقتراض وتوفير السيولة اللازمة لتمويل مشروعاتها.
ومع استمرار سياسات “أمريكا أولاً” والحروب التجارية، وعدم وجود تحفيز كبير للنمو العالمي، من المتوقع أن يستمر تباطؤ حركة التجارة الدولية، مما يؤثر على الدول التي تعتمد بشكل كبير على الصادرات.
وستجد البنوك المركزية في الدول الأخرى نفسها أمام تحدٍ، فإما أن تحذو حذو الفيدرالي وتثبت أسعار الفائدة للحفاظ على استقرار العملة، مما قد يضر بالنمو المحلي، أو تخفضها لتعزيز الاقتصاد، مما قد يؤدي إلى تراجع قيمة العملة المحلية.
تاثير القرار على الاقتصاد المصري
استمرار ارتفاع الفائدة الأمريكية يزيد من جاذبية الدولار كوعاء استثماري، مما قد يضع ضغوطًا على الجنيه المصري ويزيد من صعوبة استقراره مقابل العملات الأجنبية.
تعتمد مصر على الاقتراض من الأسواق الدولية لتمويل جزء من موازنتها ومشروعاتها. ومع ارتفاع الفائدة العالمية، تصبح تكلفة هذا الاقتراض أعلى، مما يزيد العبء على الموازنة العامة للدولة.
قد يتجه المستثمرون الأجانب نحو الأسواق التي تقدم عوائد أعلى وأكثر استقرارًا، مثل الولايات المتحدة، مما قد يؤثر على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر.
في حال تباطؤ النمو العالمي، قد تتأثر حركة السياحة العالمية، وهو مصدر رئيسي للعملة الصعبة في مصر. كما أن تباطؤ التجارة العالمية قد يؤثر سلبًا على الصادرات المصرية.
بينما يصر الفيدرالي على نهجه الحذر، فإن الصدام المستمر بينه وبين الإدارة الأمريكية يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى المشهد الاقتصادي. ستبقى الأنظار متجهة نحو التطورات القادمة، فقرارات السياسة النقدية الأمريكية ليست مجرد أرقام، بل هي محددات رئيسية لمسارات النمو والازدهار في جميع أنحاء العالم.
إنفينيتي الاقتصادية
ويمكنك متابعة موقع “إنفينيتي الاقتصادية” عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أحدث التحديثات اليومية لأسعار العملات الأجنبية والعملات العربية مقابل الجنيه، بالإضافة إلى أسعار الذهب في مصر.
ويقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: “أخبار اقتصادية، أخبار محلية، أخبار الشركات المصرية، تحليلات السوق المصرية، الأحداث الاقتصادية المهمة في مصر، أخبار اقتصادية من الدول العربية، تحليلات اقتصادية إقليمية، الأحداث الاقتصادية المهمة في العالم العربي”.
كما يقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” الأحداث الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، بالإضافة إلي خدمات توعوية، مقالات تحليلية، دراسات اقتصادية، إنفوجرافيك، فيديوهات، تحليلات أسواق المال، نصائح استثمارية، أدوات مالية”.