يشهد السوق العقاري في القاهرة الكبرى تحولات واضحة منذ موافقة مجلس النواب نهائيًا على تعديلات قانون الإيجار القديم، ورغم أن التعديلات تستهدف تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، فإنها أثارت موجة من التخوفات بين بعض الفئات السكانية، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في الطلب على شراء الوحدات السكنية.
زيادة مؤقتة في الطلب
أكد عدد من الوسطاء العقاريين أن السوق شهدت ارتفاعًا في الطلب بنسبة تصل إلى 30% في بعض المناطق، خلال الأسابيع القليلة الماضية، بسبب مخاوف المستأجرين من مهلة الإخلاء المحددة في القانون الجديد. وأوضح الوسطاء أن هذه الزيادة جاءت بعد إقرار التعديلات البرلمانية مباشرة، حيث بدأ بعض المستأجرين القادرين على الشراء في البحث عن وحدات بديلة.
عقود قديمة وقلق متصاعد
تستهدف التعديلات الجديدة فقط العقود القديمة مفتوحة المدة، التي تم توقيعها قبل صدور قانون الإيجار رقم 4 لسنة 1996. وغالبًا ما تكون هذه العقود بقيم إيجارية رمزية لا تتناسب مع أسعار السوق، ما جعلها مصدر خلاف دائم بين الملاك والمستأجرين. وتضمنت التعديلات فترة انتقالية مدتها 7 سنوات للوحدات السكنية، و5 سنوات للمحال التجارية، لإتاحة الوقت أمام السكان لتوفيق أوضاعهم.
من جانبه، قال أشرف سطوحي، وسيط عقاري بمحافظة الجيزة، إن التعديلات الجديدة أحدثت ارتباكًا ملحوظًا في السوق، مشيرًا إلى أن بعض المستأجرين الذين يتمتعون بقدرة مالية تفاوضوا مع الملاك لتسليم الشقق مبكرًا مقابل الحصول على مبالغ مالية تتراوح بين 100 و200 ألف جنيه. وأشار إلى أن هذه المبالغ تُستخدم كمقدم تعاقد على وحدات جديدة.
أضاف سطوحي أن الأسعار ارتفعت في بعض المناطق بنسبة تتراوح بين 3% و5% نتيجة الطلب المفاجئ، لكنه يتوقع عودة التوازن قريبًا مع زيادة المعروض بعد بدء إخلاء بعض الوحدات المغلقة.
خبراء: التأثير محدود على المدى المتوسط
يرى عدد من خبراء السوق العقارية أن التعديلات لن تؤثر بشكل كبير على القطاع في المدى المتوسط، نظرًا لمحدودية الفئة المتأثرة من القانون. وأكد أسامة سعد، المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري، أن التأثير سيكون متفاوتًا بين المناطق، تبعًا لقدرة السكان على الشراء، مشيرًا إلى أن الزيادة في الطلب من بعض المستأجرين ستقابلها زيادة في المعروض نتيجة إخلاء الوحدات.
وفي السياق ذاته، أكد فتح الله فوزي، رئيس لجنة البناء والتشييد بجمعية رجال الأعمال، أن القانون الجديد لن يُحدث تغيرًا جذريًا في القطاع العقاري، لكنه سيزيد الضغط على الحكومة لتوفير وحدات بديلة للفئات المتأثرة، مشيرًا إلى أن معظم المستأجرين المتضررين من القانون لا يمثلون شريحة العملاء المستهدفين من شركات التطوير العقاري.
الوحدات المغلقة.. عرض جديد في الطريق
عادل سليمان، رئيس إحدى شركات التسويق العقاري بالقليوبية، أشار إلى أن السوق لن تشهد تأثيرًا كبيرًا في بعض المحافظات، بسبب ضعف القدرة الشرائية للفئة المستهدفة. لكنه أوضح أن القانون الجديد سيساهم في إخلاء عدد كبير من الوحدات المغلقة، ما سيزيد المعروض بشكل ملحوظ، رغم أن الأسعار الحالية قد تمنع تنفيذ كثير من الصفقات.
الحكومة تستعد بمنصة ووحدات جاهزة
من جانبها، أعلنت الحكومة التزامها بتوفير وحدات بديلة للمستحقين، وأكد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية، أن الدولة تعمل على تقديم خيارات متنوعة للسكن البديل، سواء بنظام التمليك أو الإيجار التمليكي أو الإيجار، وبأسعار مقبولة تراعي الفئة المستهدفة.
كما أوضح النائب محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن هناك منصة إلكترونية سيتم إطلاقها لتلقي طلبات الحصول على الوحدات البديلة، على أن يتم فرز ودراسة هذه الطلبات خلال فترة تتراوح من 3 إلى 6 أشهر. وأكد الفيومي أن الحكومة تمتلك حاليًا أكثر من 238 ألف وحدة سكنية جاهزة للتسليم الفوري، موزعة على مستوى الجمهورية، وأنه سيتم إنشاء صندوق تمويلي لدعم الإيجار للفئات ذات الدخل المحدود.
وفي محافظة بني سويف، قال أحد الوسطاء العقاريين إن الأسبوع الماضي شهد زيادة في الطلب على شراء الوحدات بسبب القلق من تطبيق القانون الجديد بعد 7 سنوات، لافتًا إلى أن البعض بدأ في اتخاذ خطوات جادة للانتقال مبكرًا وتفادي أي زيادات مستقبلية في الأسعار.
مستقبل سوق الإيجار.. هل يعود للتوازن؟
من جانبه، يرى علاء فكري، نائب رئيس لجنة التطوير العقاري، أن إنهاء عقود الإيجار القديمة سيساهم في إعادة التوازن إلى سوق الإيجارات، وسيمنح الملاك حافزًا لإعادة استثمار الشقق المغلقة. كما توقع أن يؤدي ذلك إلى استقرار الأسعار أو ربما انخفاضها في بعض المناطق، نتيجة اتساع حجم المعروض في السوق.
بين مخاوف مستأجرين، وترقب ملاك، وضغوط على الدولة لتوفير البدائل، تدخل السوق العقارية المصرية مرحلة انتقالية دقيقة، ويبقى التحدي الأبرز هو قدرة الحكومة على تنفيذ ما تعهدت به، دون أن يتحول القانون الجديد إلى عبء اجتماعي واقتصادي على الشرائح الأقل دخلًا. فهل تنجح التجربة أم تفتح الباب لموجة جديدة من الجدل؟ الأيام القادمة وحدها تحمل الإجابة.
إنفينيتي الاقتصادية
ويمكنك متابعة موقع “إنفينيتي الاقتصادية” عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أحدث التحديثات اليومية لأسعار العملات الأجنبية والعملات العربية مقابل الجنيه، بالإضافة إلى أسعار الذهب في مصر.
ويقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: “أخبار اقتصادية، أخبار محلية، أخبار الشركات المصرية، تحليلات السوق المصرية، الأحداث الاقتصادية المهمة في مصر، أخبار اقتصادية من الدول العربية، تحليلات اقتصادية إقليمية، الأحداث الاقتصادية المهمة في العالم العربي”.
كما يقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” الأحداث الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، بالإضافة إلي خدمات توعوية، مقالات تحليلية، دراسات اقتصادية، إنفوجرافيك، فيديوهات، تحليلات أسواق المال، نصائح استثمارية، أدوات مالية”.
