شاركت كمتحدث فى ندوة لأحد الأحزاب مع مجموعة من الشباب المصرى الواعد لنتحدث عن الدبلوماسية الشعبية وأهم الأحداث الراهنة المحلية والاقليمية والدولية ورؤية مصر المستقبلية ودور الشباب فى تحديات المستقبل.
وأشرت الى الحاجة لأدوات جديدة ورؤى مبتكرة تعيد تعريف مفاهيم القوة والتأثير حيث لم تعد السياسة الخارجية حكرًا على قاعات المؤتمرات، بل أصبحت ميدانًا مفتوحًا أمام الدبلوماسية الشبابية، التي تمثل اليوم أحد أعمدة القوة الناعمة الحديثة ، وأن شباب مصر لا يجب أن يكون فقط مادة للحديث في المنتديات، بل يجب أن يكون شريكًا فاعلًا في بناء صورة الدولة والتأثير في محيطها الإقليمي والدولي.
وأوضحت أن الشباب عند السفر للدراسة أو المشاركة في مؤتمر، أو حتى عند التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي، فهم يمارسون دبلوماسية شعبية وشبابية مؤثرة تحمل معها ثقافة مصر وتاريخها وطموحاتها، بل وتدافع عن صورتها أمام أي تشويه أو تضليل.
نعم، وزارة الخارجية تُدير السياسة الخارجية رسميًا، لكن الشباب هم القوة الناعمة التي تخترق الحواجز الثقافية وتتحدث لغة العالم بلغات متعددة مثل : لغة العلم ولغة المبادرة ولغة الأمل ولغة الذكاء الاصطناعى.
إن الدبلوماسية الشبابية هي أن يكون الشباب أصحاب مبادرات لا ردود أفعال وأن يمثلوا بلدنا بوعي وإبداع، في ساحات السياسة والرياضة والفن والتكنولوجيا والثقافة، ونعرض عدد من النقاط في هذا الشأن كالتالي:
أولًا: مفهوم الدبلوماسية الشعبية
الدبلوماسية الشعبية (Public Diplomacy) هي الجهود غير الرسمية التي تقوم بها جهات غير حكومية – مثل منظمات المجتمع المدني والنقابات،الشباب والجامعات ورجال الأعمال والمثقفين ووسائل الإعلام – بهدف التأثير في الرأي العام الخارجي وتحسين صورة الدولة وتوضيح مواقفها السياسية، والثقافية، والاقتصادية، وغيرها.
ثانيًا: تطور الدبلوماسية الشعبية في مصر
شهدت الدبلوماسية الشعبية في مصر عدة مراحل قبل 2011 اقتصر دورها على بعثات ثقافية ونشاطات رمزية من خلال الجاليات وبعد 2011 اتسع المجال وظهرت مبادرات شعبية لدعم مواقف الدولة.
وفي السنوات الأخيرة 2014-2025 أعادت الدولة صياغة العلاقة مع المجتمع المدني واستفادت منه كأداة مساعدة في التعبئة الدبلوماسية في قضايا عديدة .
ثالثًا: أدوات وآليات الدبلوماسية الشعبية
من أهم الأدوات المجتمع المدني وآلياته الجمعيات الأهلية والتنموية اضافة الى المؤسسات الدينية (الأزهر والكنيسة) والجامعات والمراكز البحثية من خلال المؤتمرات والبحوث المشتركة ، والإعلام والصحافة كوسيلة لنقل الرواية المصرية عالميًا ، والرياضة والفن كأدوات للتقارب الشعبي وتحسين الصورة الذهنية.
رابعًا: التحديات التي تواجه الدبلوماسية الشعبية في مصر
قد تعوق تحديات التمويل والاستدامة بعض المبادرات الشعبية وكذا محدودية التنسيق المؤسسي أحيانا بين الدولة والمجتمع المدني والصورة النمطية في الإعلام الغربي حول قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية.
ومحدودية الكوادر المؤهلة للعمل في مجالات الاتصال الثقافي والدولي.
خامسًا: الفرص المتاحة لتعزيز دور الدبلوماسية الشعبية
من الأهمية بمكان ربطها برؤية مصر 2030 في مجالي القوة الناعمة والتمكين المجتمعي وتفعيل الشراكات مع الجاليات المصرية في أوروبا وأمريكا ، ودعم اللغة والثقافة المصرية في إفريقيا وآسيا ودمج الشباب والمرأة في الوفود الشعبية والمبادرات الدولية.
ونستعرض أهم مقترحات دعم الدبلوماسية الشعبية:
- إنشاء مجلس وطني للدبلوماسية الشعبية يضم ممثلين عن الوزارات والمجتمع المدني والإعلام.
- تطوير برامج تدريب الكوادر الشابة للعمل كسفراء شعبيين، أو اختيار أى مسمى آخر.
- تعزيز التعاون بين وزارات الخارجية والثقافة والشباب والرياضة في التخطيط المشترك للمبادرات الثقافية بالخارج.
- دعم مشروعات التوأمة الثقافية مع دول الجنوب العالمي، خاصة مع دول تجمع البريكس.
هذا، وتحتاج مصر بلد الحضارة والتاريخ إلى شباب يُجيد التفاوض كما يُجيد البرمجة ويُتقن الحوار كما يُتقن الإدارة ويملك القدرة على التأثير دون ضجيج ، فلنرفع راية الدبلوماسية الشبابية ولنجعل من تحركات الشباب من أبناء هذا الوطن العظيم فى كل لقاء وكل سفر وكل كلمة خطوة نحو سياسة خارجية ناعمة وشاملة تضيف لزخم التحرك المصري اقليميًا ودوليًا.
اعلم شباب مصر أن الحياة لا تنتظر أحدًا لكنها تكافئ من يسبقها بخطوة ومن يعمل بإيمان لا يتزحزح ولا تسمحوا لأحد أن يُقزّم أحلامكم ولا تسمحوا للخوف أن يطفئ نوركم ، فأنتم الجيل الذي طالما حلمنا بقدومه فكونوا أنتم البداية التي طالما انتظرها الوطن ولنتذكّر دومًا أن المستقبل لا يُمنح، بل يُنتزع بالإرادة والعمل فى ظل التحول لاقتصاد المعرفة وعماده الشباب.
الوزير المفوض الدكتور/ منجى على بدر
عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والاحصاء والتشريع