السبت, 23 أغسطس, 2025
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن
رئيس مجلس الإدارة
د. إسلام جمال الدين


المشرف العام
محمد عبدالرحمن

الحوافز الاستثمارية.. رافعة جديدة لاقتصاد أكثر مرونة واستدامة في مصر

يشهد الاقتصاد المصري مرحلة فارقة في مسيرته التنموية، حيث تسعى مصر إلى صياغة نموذج اقتصادي يقوم على الإنتاجية والتنافسية والاستدامة. وتأتي منظومة الحوافز الاستثمارية كأحد أهم الأدوات التي تراهن عليها الحكومة لجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، وتوسيع دور القطاع الخاص في قيادة النمو، ودعم القطاعات الواعدة القادرة على إعادة تشكيل هيكل الاقتصاد الوطني. وتطوير هذه الحوافز ليس مجرد إجراء مرحلي لتحفيز الاستثمار، بل يعكس رؤية استراتيجية أشمل تستند إلى أهداف رؤية مصر 2030، ومن ثم فإن السؤال الجوهري يتمثل في: كيف يمكن لهذه الحوافز أن تتحول من مجرد امتيازات إلى رافعة استراتيجية قادرة على إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد المصري خلال السنوات المقبلة؟ ونعرض فى هذا المقال ل 10 نقاط أساسية لأهمية الاستثمار ودوره في الاقتصاد المصري:-

 

أولاً: الرؤية الاستراتيجية وراء تطوير الحوافز وترتكز الرؤية على عدة محاور متداخلة أبرزها:

  1. تعميق التصنيع المحلي من خلال تشجيع الصناعات التصديرية، والإحلال محل الواردات، وزيادة القيمة المضافة للمنتجات المصرية.
  2. توسيع دور القطاع الخاص عبر خفض مساهمة الدولة في الأنشطة الاقتصادية، وتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، وتوسيع برنامج الطروحات.
  3. الاستثمار في المستقبل عبر التركيز على الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والتحول الرقمي والتكنولوجيا، بما يتماشى مع الاتجاهات العالمية ويعزز قدرة مصر على المنافسة.
  4. الاندماج الإقليمي والدولي بالاستفادة من الموقع الجغرافي العبقرى واتفاقيات التجارة الحرة، لجعل مصر مركزاً إقليمياً للإنتاج والخدمات اللوجستية

 

ثانياً: بوابة نحو نمو اقتصادي مستدام : لا تقتصر الحوافز الاستثمارية على الإعفاءات الضريبية أو الجمركية فقط، بل تشمل كذلك سياسات مؤسسية وهيكلية لخفض تكلفة ممارسة الأعمال وتسريع دورة الاستثمار وضمان الاستقرار التشريعي ومن أبرز الملامح:

  • الرخصة الذهبية التي تتيح للمستثمر الحصول على جميع الموافقات من خلال نافذة واحدة.
  • حوافز مرتبطة بالأداء مثل منح مزايا إضافية للشركات التي تحقق نسباً أعلى في التصدير أو التشغيل أو المكوّن المحلي.
  • تخصيص الأراضي بحق الانتفاع مع تسهيلات طويلة الأجل وهو ما يقلل من أعباء رأس المال على المستثمرين.

وهذه الإجراءات لا تهدف إلى تحفيز الاستثمارات قصيرة الأجل فقط ، بل إلى بناء قاعدة إنتاجية قادرة على تحقيق نمو مستدام وتحسين مؤشرات التوازن الخارجي من خلال زيادة الصادرات وتقليل الواردات

 

ثالثاً: تمكين القطاع الخاص كشريك حقيقي في التنمية من خلال:-

  • إزالة العقبات البيروقراطية عبر الرقمنة والنافذة الموحدة.
  • تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP) في مشروعات البنية التحتية والطاقة.
  • توفير أدوات تمويل وضمانات استثمارية تقلل من المخاطر وتعزز الثقة.

وبالتالى ، يصبح القطاع الخاص قادراً على قيادة الاستثمار في القطاعات الإنتاجية، بدلاً من الاعتماد على الدولة كمحرك رئيسي وحيد للنمو.

 

رابعاً: دور الشركات الصغيرة والمتوسطة : تعتبر الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) العمود الفقري لأي اقتصاد تنافسي، لذلك تضمنت الحوافز آليات خاصة لهذه الشريحة أهمها :-

  • برامج تمويل ميسر وضمانات ائتمانية لتوسيع قاعدة التمويل.
  • إعفاءات وحوافز ضريبية مبسطة لتخفيف الأعباء.
  • توفير مجمعات صناعية جاهزة ومناطق تكنولوجية، بما يسهل دخول هذه الشركات إلى السوق وربطها بسلاسل الإمداد للمصانع الكبرى لزيادة قدرتها على التصدير والمنافسة.

وتهدف هذه السياسات إلى رفع مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي، وتعزيز قدرتها على خلق فرص عمل مستدامة.

 

خامساً: القطاعات الواعدة للاستثمار : تشير المؤشرات الحكومية إلى أن السنوات المقبلة ستشهد انطلاقة قوية في عدة قطاعات:

  • الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، بما يتيح لمصر أن تصبح مركزاً إقليمياً للطاقة النظيفة.
  • الصناعات التحويلية مثل الأغذية والأدوية والأجهزة الطبية والإلكترونيات والسيارات الكهربائية.
  • الخدمات الرقمية بما في ذلك مراكز التعهيد ومراكز البيانات والخدمات العابرة للحدود.
  • اللوجستيات بفضل تطوير الموانئ والمناطق الاقتصادية على محور قناة السويس.
  • السياحة المتخصصة وخاصة السياحة الثقافية والبيئية والطبية.

ان الاستثمار في هذه القطاعات يعكس توجهاً نحو تنويع مصادر النمو وتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية ذات العائد المتواضع.

 

سادساً: مصر كمركز إقليمي للاستثمار : من خلال الموقع الجغرافي العبقرى واتفاقيات التجارة الحرة مع أفريقيا وأوروبا والعالم العربي ( بعدد سكان يبلغ 1.25 مليون نسمة ) وتطوير البنية التحتية (طرق، موانئ، سكك حديدية، مناطق اقتصادية) كما تسعى مصر للتحول إلى مركز إقليمي لجذب الاستثمارات وتدعم هذه الرؤية من خلال :-

  • استقرار تشريعي يضمن حقوق المستثمرين.
  • عقود طويلة الأجل للطاقة والبنية التحتية.
  • اندماج في سلاسل القيمة العالمية عبر الصناعات التصديرية المتقدمة

 

سابعاً: الأثر المباشر على المواطن تسعى مصر إلى ربط السياسات الاستثمارية بتحسين معيشة المواطن من خلال:

  • خلق فرص عمل جديدة في الصناعات والخدمات.
  • برامج تدريب مهنى وتأهيل تواكب متطلبات السوق.
  • خفض تكلفة الإنتاج بما يساهم في استقرار الأسعار.
  • تحسين الدخل عبر توسيع قاعدة النشاط الاقتصادي.

وبهذا يصبح المواطن شريكاً مستفيداً من ثمار الإصلاح الاقتصادى.

ثامناً: نحو اقتصاد أكثر مرونة:  تهدف التحولات الجارية إلى بناء اقتصاد قادر على امتصاص الصدمات العالمية من خلال:

  • تنويع القاعدة الإنتاجية والتصديرية.
  • التوسع في الطاقة النظيفة لتقليل الاعتماد على الواردات النفطية.
  • رقمنة الإجراءات لتعزيز الشفافية وسرعة التكيف مع المتغيرات.

وهذه المرونة تمنح الاقتصاد المصري قدرة أكبر على مواجهة الأزمات المالية أو الجيوسياسية.

 

تاسعاً: مستقبل الاقتصاد خلال السنوات الخمس المقبلة مع تطبيق هذه الحوافز بفاعلية فمن المتوقع:

  • ارتفاع الاستثمار الخاص كنسبة من الناتج المحلي.
  • زيادة مساهمة التصنيع والصادرات في الناتج.
  • مضاعفة استثمارات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
  • توسع كبير في قطاع الخدمات الرقمية والتعهيد.
  • تحسن تدريجي في ميزان المدفوعات عبر إحلال الواردات وزيادة الصادرات

 

عاشراً: الطموح الأكبر للمنظومة الجديدة: لايقتصر الطموح المصرى على جذب رؤوس الأموال، بل يمتد إلى إعادة صياغة الاقتصاد المصري ليصبح أكثر إنتاجية وتنافسية واستدامة.

والهدف النهائي هو أن تتحول مصر إلى منصة إقليمية للإنتاج والتصدير يقودها القطاع الخاص ويستفيد منها المواطن عبر فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة.

ونرى أن الحوافز الاستثمارية ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق تحول استراتيجي أعمق في بنية الاقتصاد ، وتهدف السياسات والحوافز التي تُمنح اليوم للمستثمرين المحليين والأجانب إلى بناء اقتصاد قادر على المنافسة وأكثر مرونة في مواجهة الأزمات، وأكثر استدامة على المدى الطويل.

ومع أن الطريق ملئ بالتحديات، فإن وضوح الرؤية وتناسقها مع أهداف رؤية مصر 2030 يمنح هذه السياسات قوة دفع هامة. ويبقى التحدي الأبرز هو تحويل الحوافز من نصوص وتشريعات إلى واقع ملموس يشعر به المستثمر والمواطن على السواء. وإذا تحقق ذلك، فإن السنوات الخمس المقبلة سوف تشهد انطلاقة نوعية تضع مصر على خريطة الاستثمار العالمي كلاعب إقليمي رئيسي.

 

        الوزير المفوض الدكتور/ منجى على بدر

    عضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة

 

إنفينيتي الاقتصادية

ويمكنك متابعة موقع “إنفينيتي الاقتصادية” عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أحدث التحديثات اليومية لأسعار العملات الأجنبية والعملات العربية مقابل الجنيه، بالإضافة إلى أسعار الذهب في مصر.

ويقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل: “أخبار اقتصادية، أخبار محلية، أخبار الشركات المصرية، تحليلات السوق المصرية، الأحداث الاقتصادية المهمة في مصر، أخبار اقتصادية من الدول العربية، تحليلات اقتصادية إقليمية، الأحداث الاقتصادية المهمة في العالم العربي”.

كما يقدم موقع “إنفينيتي الاقتصادية” الأحداث الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، بالإضافة إلي خدمات توعوية، مقالات تحليلية، دراسات اقتصادية، إنفوجرافيك، فيديوهات، تحليلات أسواق المال، نصائح استثمارية، أدوات مالية”.

مقالات ذات صلة

الاكثر قراءة